وَالشَّاهِد قَوْله تَعَالَى (قَالُوا تالله لقد آثرك الله علينا) أَي قدم اختيارك علينا وذكل أَنهم كلهم كَانُوا مختارين عِنْد الله تَعَالَى لأَنهم كَانُوا أَنْبيَاء واتسع فِي الِاخْتِيَار فَقيل لأفعال الجواراح اختيارية تفرقه بَين حَرَكَة الْبَطْش وحركة المجس وحركة المرتعش وَتقول اخْتَرْت الْمَرْوِيّ على الْكَتَّان أَي اخْتَرْت لبس هَذَا على لبس هَذَا وَقَالَ تَعَالَى (وَلَقَد اخترناهم
على علم على الْعَالمين) أَي أخترنا إرسالهم وَتقول فِي الْفَاعِل مُخْتَار لكذا وَفِي الْمَفْعُول مُخْتَار من كَذَا وَعِنْدنَا أَن قَوْله تَعَالَى (أثرك الله علينا) مَعْنَاهُ أَنه فضلك الله علينا وَأَنت من أهل الأثرة عِنْدِي أَي مِمَّن أفضله على غَيره بتأثير الْخَيْر والنفع عِنْده واخترتك أخذتك للخير الَّذِي فِيك فِي نَفسك وَلذَا يُقَال آثرتك بِهَذَا الثَّوْب وَهَذَا الدِّينَار وَلَا يُقَال اخْتَرْتُك بِهِ وَإِنَّمَا ياقل اخْتَرْتُك لهَذَا الْأَمر فَالْفرق بَين الآيثار وَالِاخْتِيَار بَين هَذَا الْوَجْه
أَن الْعَزْم يكون فِي كل فعل يخْتَص بِهِ الْإِنْسَان والزما يخْتَص بِالسَّفرِ يُقَال أزمعت الْمسير قَالَ الشَّاعِر من المتقارب
(أزمعت من آل ليلى ابتكار ... )
وَلَا يُقَال أزمعت الْأكل كَمَا تَقول عزمت على ذَلِك والإزماع أَيْضا يتَعَدَّى بعلى فَالْفرق بَينهمَا ظَاهر
الفرق بَين الْإِرَادَة وَالْمعْنَى
أَن الْمَعْنى إِرَادَة كَون القَوْل على مَا هُوَ مَوْضُوع لَهُ فِي أصل اللُّغَة أَو مجازها فَهُوَ فِي القَوْل خَاصَّة إِلَّا أَن يستعار لغيره على مَا ذكرنَا قبل والإرادة تكون فِي القَوْل وَالْفِعْل
الْفرق بَين الْإِرَادَة والتحري
أَن التَّحَرِّي هُوَ طلب الْمَكَان
الشَّيْء مَأْخُوذ من الحرى وَهُوَ المأوى وَقيل لمأوى الطير حراها ولموضع بيضها حرى