وَاخْتلفُوا فِي النّظر هَل الأولى أَن يكون بالعينين جَمِيعًا أَو بِأَحَدِهِمَا
فجمهور الرُّمَاة رجحوا النّظر بالعينين جَمِيعًا لِأَنَّهُ أتم وأكمل وَأقوى
وَمِنْهُم من رجح النّظر بِعَين وَاحِدَة وَاحْتج هَؤُلَاءِ بِأَنَّهُ إِذا كَانَ بِعَين وَاحِدَة كَانَ أجمع للنور الباصر وَأقوى لَهُ وَإِذا كَانَ بالعينين جَمِيعًا تفرق فِي وُصُوله إِلَى الْغَرَض فضعف
قَالُوا فَإِن النَّاظر إِذا نظر بِعَين وَاحِدَة اجْتمع فِيهَا نور الْعَينَيْنِ مَعًا فَإِن النُّور الباصر ينزل من الدِّمَاغ على تقاطع صليبي فِي الْجَبْهَة فيفترق هُنَاكَ فِي منفذين إِلَى كل [عين] منفذ فَإِذا أغمض النَّاظر أحد عَيْنَيْهِ رَجَعَ قسطها من ذَلِك النُّور الباصر إِلَى الْعين الْأُخْرَى فيقوي نظره بهَا ضَرُورَة وَلِهَذَا تَجِد الْأَعْوَر قوي النّظر حديده وأرباب الصناعات إِذا أَرَادَ أحدهم امتحان أَمر بِالنّظرِ أغمض احدى عَيْنَيْهِ وَصوب الْأُخْرَى إِلَى المنظور اليه وَلِهَذَا كَانَت عين الْأَعْوَر فِي الشَّرْع قَائِمَة مقَام عينين فِي الديه فَإِذا فقئت عين العور فعلى الْجَانِي الدِّيَة كَامِلَة نَص عَلَيْهِ الإِمَام أَحْمد فَإِن قلع من لَهُ عينان عين الْأَعْوَر عمدا فَلهُ أَن يقْلع من عَيْنَيْهِ نَظِيره عينه وَيَأْخُذ مِنْهُ نصف الدِّيَة نَص عَلَيْهِ ايضا وَإِن قلع الْأَعْوَر عين الصَّحِيح الْمُمَاثلَة لعَينه الصَّحِيحَة عمدا فَلَا قَود عَلَيْهِ لِأَن الْقود يعميه وَعَلِيهِ الدِّيَة كَامِلَة وَقيل يقْلع عينه وَيُعْطِيه نصف الدِّيَة وَإِن قلع الْأَعْوَر عَيْني صَحِيح خيرناه بَين قلع عينه وَبَين أَخذ دِيَة عينه