أفْجَرِ قَلْب رَجُلٍ واحدٍ مِنْكُم لَمْ يَنقُص ذلِكَ مِن مُلكي شَيئاً، يا عِبادي لَو أنَّ أوَّلَكُم وآخِرَكُم وإنْسَكُم وجِنَّكُم كانُوا على أتْقَى قَلْب رَجُلٍ واحِدٍ مِنْكُم لَم يزِد ذَلِكَ في مُلْكي شَيئاً، يا عبادِي لَو أنَّ أوَّلَكُم وآخرَكُم وإنسَكُم وَجنَّكم قاموا في صَعيدٍ واحدٍ فسَألُوني فأعْطَيتُ كُلَّ إنسانٍ مِنْهم ما سألَ لم يَنقُص ذلكَ مِن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
سموا بذلك لظهورهم وأنهم يؤنسون أي يبصرون كما سمي الجن جناً لاجتنانهم واختفائهم. قوله: (شيئاً) مفعول مطلق إن قلنا إن نقص لازم ومفعول به إن قلنا إنه متعد والمشار إليه بقوله ذلك هو الفجور الكامل. قوله: (على أتقى) أي على تقوى أتقى (قلب رجل) وإنما قدر ذلك ليصح الحمل قيل أراد بأتقى رجل محمداً -صلى الله عليه وسلم- وبأفجر رجل الشيطان ولعل هذا من حكمة قوله في جانب التقوى منكم أي أيها الإنسان وحذفه في الجانب الثاني ومن حكمه أيضاً ألا يخاطب العباد بالأفجرية تفضلاً منه تعالى وإحساناً، وقد وجد منكم في الموضعين في بعض النسخ والرواية على حذفها، والحاصل أن ملكه تعالى في غاية الكمال لا يزيد بطاعة جميع الخلق وكونهم على أكمل صفة التقوى كمالاً ينقص بمعصيتهم (لأنه) مرتبط بقدرته وإرادته وهما دائمان لا انقطاع لهما فكذا ما ارتبط بهما إنما غاية التقوى والفجور عود نفع أو ضر على فاعلهما والله تعالى هو الغني المطلق في ذاته وصفاته وأفعاله (فملكه) كامل لا نقص فيه بوجه من الوجوه. قوله: (صعيد واحد) أي أرض واحدة ومقام واحدة. وقوله: (فسألوني) قيد السؤال بالاجتماع في صعيد واحد لأن تزاحم الأسئلة وترادف النّاس في السؤال مع كثرتهم وكثرة مطالبهم مما يضجر المسؤول منه ويدهشه وذلك يوجب حرمانهم أو عسر إنجاح مطلوبهم و"ما" إما موصولة أو موصوفة أو مصدرية أي ما نقص شيئاً إلا شيئاً مثل الذي ينقصه المخيط أو إلا شيئاً مثل شيء ينقصه أو ما نقص إلا مثل نقصانه في القلة والمخيط بكسر الميم وسكون المعجمة وفتح الياء الإبرة. وقوله: (ما نقص ذلك)