فلا تَعْتَدُوها، وحَرَّمَ أشياءَ فَلا تَنْتهكُوهَا، وسكَتَ عن أشياءَ رَحْمَةً لكُمْ غَيرَ نِسيَانٍ فلا تَبْحَثُوا عَنْها"

ـــــــــــــــــــــــــــــ

حدود الله أحكامه وأوامره ونواهيه (فلا تعتدوها) أي فلا تتجاوزوا عنها بتركها كذا قال الكازروني واعترض بأن حمل الحد على ما ذكر يصير الكلام مكرراً مع ما قبله وما بعده إذ الفرائض المفروضة حدود محدودة بهذا المعنى لأنها مقدرة محصورة يجب

الوقوف فيها عند تقدير الشرع وكذلك المحرمات فمعنى قوله فلا تعتدوها على هذا أي لا تزيدوا عليها عما أمر به الشرع فالأولى أن تحمل الحدود هنا على العقوبة المقدرة من الشارع تزجر عن المعصية أي جعل لكم حواجز وزواجر مقدرة أي تحجزكم وتزجركم عما لا يرضاه قال ويصح حمل الحدود هنا على الوقوف عند الأوامر والنواهي ومنه {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} الآية وآيات أخر ويكون ما قبله وما بعده من ذكر العام بعد الخاص وعكسه فمعنى لا تعتدوها لا تتجاوزوها لمخالفة المأمور وارتكاب المحظور. قوله: (فلا تنتهكوها) أي لا تتناولوها ولا تقربوها قال الجوهري انتهاك الحرمة تناولها بما لا يحل. قوله: (وسكت عن أشياء) أي لم يحكم فيها بوجوب أو حل أو حرمة. وقوله: (رحمة) مفعول له. وقوله: (غير نسيان) أي لأحكامها {لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى}. وقوله: (فلا تبحثوا عنها) أي لا تسألوا عن حالها لأن السؤال عن ذلك ربما يفضي إلى التكليف الشاق من الحرمة أو الإيجاب بل يحكم بالبراءة الأصلية والحل في المنافع والحرمة في المضار والبحث لغة التفتيش ومعنى سكوته تعالى عنها أنه لم ينزل حكمها على نبيه لا أنه سكت عنها حقيقة لاستحالة ذلك عليه إذ الكلام من صفاته النفسية القديمة الذاتية التي لا ينفك تعالى عنها ويفهم من سكوته تعالى رحمة لنا مع النهي عن البحث عنها أنه لا حكم قبل ورود الشرع وهو الأصح وقيل الأصل الحظر ونسب للشافعي وأكثر المتكلمين ولعله قول مرجوح للشافعي وإلا فالأصح ما مر وأن الأصل في الأشياء بعد ورود الشرع الإباحة وحكى بعضهم الإجماع على ذلك وغلطوا من سوى بين المسألتين وجعل حكمهما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015