وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وملبسه حرامٌ وَغُذِيَ بالحَرَام، فأنَّى يُسْتَجابَ لِذلِكَ"

ـــــــــــــــــــــــــــــ

الدعاء برفع ما قد وقع به من البلاء وجاء أيضاً أنه -صلى الله عليه وسلم- رفع يديه وجعل ظهورهما إلى جهة القبلة وهو مستقبلها وجعل بطونهما مما يلي وجهه وورد عكس هذه في الاستسقاء من فعله -صلى الله عليه وسلم- وحكمة رفعهما إلى السماء أنها قبلة الدعاء ومخزن الأرزاق ومعدن أسرار الخلائق

ومصعد الأعمال ومعبد العمال ومحل الضياء والصفاء وفيه أيضاً الإشارة إلى عظمة جلال الله تعالى وكبريائه وأنه فوق كل موجود مكانة واستيلاء لا مكاناً وجهة، وفي قوله: يا رب إشارة إلى أن الدعاء بهذا اللفظ مؤثر في الإجابة لإيذانه بالاعتراف بأن وجوده فائض عن تربيته وإحسانه وجوده وامتنانه ولذا كان غالب أدعية القرآن مفتتحاً بذكر الرب وفي تكرير ذلك إشارة إلى أن من أسباب الإجابة بل من أعظمها الإلحاح على الله تعالى بثناء حسن وذكر فضل كرمه وعظيم ربوبيته أخرج البزار مرفوعاً إذا قال العبد: يا رب أربعاً قال الله تعالى: "لبيك عبدي سل تعطه" وأخرج الطبراني وغيره أن قوماً شكوا إليه -صلى الله عليه وسلم- قحوط المطر فقال: "اجثوا على الركب وقولوا يا رب يا رب" ففعلوا فسقوا وعن جعفر الصادق من حزبه أمر فقال خمس مرات ربنا نجاه الله مما يخاف وأعطاه ما أراد لأن الله تعالى حكى عنهم في آخر آل عمران أنهم قالوا خمساً ثم قال: فاستجاب لهم. قوله: (ومطعمه حرام) جملة حالية من فاعل قائلاً ومطعم ومشرب وملبس مصادر ميمية بمعنى المفعول. قوله: (وغذي) بضم أوله المعجم وكسر ثانيه المعجم المخفف. قوله: (فأنَّى يستجاب لذلك) أي فكيف أو من أين يستجاب لمن هذه صفته فهو استبعاد لإجابة دعائه مع قبيح ما هو متلبس به لأنه ليس أهلاً حينئذ لاتصافه بقبيح المخالفات وليس إحالة لإمكانها تفضلاً وإنعاماً فعلم أن اجتناب الحرام في كل ذلك شرط إجابة الدعاء وتناوله مانع لها غالباً وسره أن مبدأ إرادة الدعاء القلب ثم تفيض تلك الإرادة على اللسان فينطق به وتناول الحرام مفسد للقلب كما هو مدرك بالوجدان فيحرم الرقة والإخلاص ويصير عمله شبحاً بلا روح وبفساده يفسد البدن كله كما مر فيفسد الدعاء لأنه نتيجة فاسد أخرج الطبراني بسند فيه نظر أن سعد بن أبي وقاص

طور بواسطة نورين ميديا © 2015