رويناه في "صحيح مسلم".

التاسع: حديث "لا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ"

ـــــــــــــــــــــــــــــ

قال: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة" والذي نفس محمد بيده إن العبد ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه أربعين يوماً وأيما عبد نبت لحمه من سحت فالنار أولى به، ومن ثم قيل له: لم تستجاب دعوتك من بين الصحابة قال: ما رفعت إلى فمي لقمة إلا وأنا أعلم من أين مجيئها ومن أين خرجت. قوله: (رواه مسلم) أي من رواية فضيل بن مرزوق وهو ثقة وسط وإن لم يخرج له البخاري ولا يقدح فيه قول الترمذي بعد تخريج الحديث حسن غريب وقد ذكر الذهبي فضيلاً هذا في جزئه فيمن تكلم فيه وهو موثق، وهذا الحديث أحد الأحاديث التي عليها قواعد الإسلام ومباني الأحكام وعليه العمدة وفي تناول الحلال وتجنب الحرام وما أعم نفعه وأعظمه ومما تضمنه بيان حكم الدعاء وشرطه الأهم ومانعه والدعاء كما ورد مخ العبادة لأن الداعي إنما يدعو الله عند انقطاع أمله مما سواه وهذا حقيقة التوحيد والإخلاص ولا عبادة فوقها فكان مخ العبادة من هذه الحيثية واستفيد من الحديث أن من أراد الدعاء أو عبادة أخرى لزمه الاعتناء بالحلال في جميع الأحوال من المأكل والملبس والمشرب وغير ذلك حتى يقبل دعاؤه وعبادته وإن المؤمن إنما يقبل منه إنفاق الطيب فيزكو وينمو ويبارك فيه. قوله: (لا ضرر ولا ضرار) بكسر أوله من ضره وضاره بمعنى وهو خلاف النفع كذا قاله الجوهري فالجمع بينهما هنا للتوكيد والمشهور أن بينهما فرقاً فقيل: الأول: إلحاق مفسدة

بالغير مطلقاً والثاني: إلحاقها به على وجه المقابلة أي كل منهما يقصد ضرر صاحبه على جهة الاعتداء بالمثل والانتصار بالحق فالانتصار بالحق ليس بالاعتداء وتسميته بذلك في آية: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} من باب المشاركة والمقابلة وقيل: الضرر من واحد كالقتل والضرار من اثنين كالقتال وقال ابن حبيب عند أهل العربية: الضرر الاسم والضرار الفعل فمعنى الأول: لا تدخل على أخيك ضرراً لم تدخله على نفسك ومعنى الآخر: لا يضار أحد بأحد وهذا أقرب مما قبله وقيل الضرر أن يدخل على غيره ضرراً بما ينتفع هو به والضرار أن يدخل على غيره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015