ثُمَّ ذَكرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أْغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ: يا رب يا رب،

ـــــــــــــــــــــــــــــ

حَلَالًا طَيِّبًا} على أنه كما يحتمل ذلك يحتمل التأكيد لكن التأسيس خير منه وقد تشير هذه الآية إلى أن الحرام رزق على ما عليه أهل السنة خلافاً للمعتزلة ثم الأمر في الآية للإباحة أو للوجوب كما لو أشرف على الهلاك مجاعة أو للندب لموافقة المضيف قال سهل بن عبد الله أدب الأكل أن يكون حلالاً وهو ما لا يعصى الله فيه وصافياً وهو ما لا ينسى الله فيه وقواماً وهو ما يمسك النفس والعقل وأن يؤدى شكر النعم. قوله: (ثم ذكر الرجل) أي بعد ما سبق ذكره استطرد الكلام حتى ذكر الرجل الموصوف بأنه يطيل السفر. قوله: (يطيل) صفة الرجل لأن أل فيه جنسية وفيه إشارة إلى أن السفر بمجرده يقتضي إجابة الدعاء وقد تقدم في أذكار المسافر ما يشهد له ومنه حديث أبي داود والترمذي وابن ماجه ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالد لولده، وإنما كان دعاؤه أقرب إلى الإجابة لأنه مظنة حصول انكسار النفس بطول الغربة عن الأوطان وتحتمل المشاق والانكسار من أعظم أسباب الإجابة. قوله: (أشعث أغبر) حالان مترادفان من فاعل يطيل أي متفرق الشعر مغبر الوجه من طول سفره في الطاعات ومع ذلك فلا يستجاب له لما يأتي فكيف بمن هو منهمك مع ذلك في الغفلة والعصيان وفيه إشارة إلى أن رثاثة الهيئة من أسباب الإجابة قال -صلى الله عليه وسلم-: "رب أشعث أغبر ذي طمرين مدفوع بالأبواب" لو أقسم على الله لأبره ولأجل هذا ندب ذلك في الاستسقاء. قوله: (يمد يديه إلى السماء) حال من ضمير أشعث أي يرفعهما قائلاً (يا رب) أعطني كذا ففيه رفع اليدين في الدعاء وهو سنة في غير الصلاة والطواف وفي القنوت في الصلاة اتباعاً له -صلى الله عليه وسلم- ولأن في رفعهما إظهار شعار الذل والانكسار والإقرار بسيمة العجز والافتقار فإن عادة العرب رفعهما عند الخضوع في المسألة والمذلة بين يدي المسؤول قال -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله حي كريم يستحي من عبده أن يرفع إليه كفيه ثم يردهما صفراً خائبين" رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وجاء أنه -صلى الله عليه وسلم- كان عند الرفع تارة يجعل بطون يديه إلى السماء وتارة يجعل ظهورهما إليه وحملوا الأول على الدعاء بحصول المطلوب أو دفع ما قد يقع من البلاء والثاني على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015