رويناه في "صحيحيهما".

ـــــــــــــــــــــــــــــ

مات على خير أو شر أديرت عليه أحكامه نعم الميت فاسقاً تحت المشيئة خلافاً للمعتزلة وإن عمل من سبق في علم الله موته على الكفر يكون صحيحاً مقرباً إلى الجنة حتى ما يبقى بينه وبينها إلا ذراع وإن عمل من سبق في علم الله موته على الإيمان يكون باطلاً مقرباً إلى النار لكن لا مطلقاً في هذين بل باعتبار ما يظهر لنا كما دل عليه خبر مسلم السابق إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار الحديث، أما باعتبار ما في نفس الأمر فالأول لم يصح له عمل قط فلم يقرب من الجنة مطلقاً لأنه كافر في الباطن وأما الثاني فعمله الذي لا يحتاج إلى نية صحيح وما يحتاج إليها باطل من حيث عدم وجودها هذا فيما صورته صورة خير وأما ما عداه فلا يؤثر فيه الكفر لخبر أسلمت على ما سلف لك من خير فالعبرة بسابق القضاء إذ هو الذي لا تغيير ولا تبديل فيه وفي الحديث الشقي من شقي في بطن أمه أي يظهر من حاله للملائكة أو لمن شاء الله من خلقه ما سبق في علم الله الأزلي وقضائه الإلهي الذي لا يقبل تغييراً من سعادته أو شقاوته ومن رزقه وأجله وعمله إلى آخر ما سبق بيانه، ولا ينافي ذلك خبراً إنما الأعمال بالخواتيم لأن ربطها بها إنما هو لكون السابقة مستورة عنا والخاتمة ظاهرة لنا فكانت الأعمال بها بالنسبة إلى ما عندنا وإطلاعنا في بعض الأشخاص والأحوال وفي الحديث إنه لا يقطع لأحد معين بدخول الجنة إلا من أخبر -صلى الله عليه وسلم- أنه من أهلها وفيه الإيماء إلى ترك الإعجاب بالعمل والالتفات والركون إليه بل يعول على فضل مولاه ورحمته وجوده ومنته وفي الحديث لن ينجي أحداً منكم عمله الحديث لكن مع ذلك لا بد من

الإتيان بالعمل أداء لمقام العبودية وقد جاءت الأحاديث بالنهي عن ترك العمل والاتكال على ما سبق به القدر قال -صلى الله عليه وسلم-: "اعملوا فكل ميسر لما خلق له". قوله: (رويناه في صحيحيهما) وكذا رواه أصحاب السنن الأربعة كلهم عن ابن مسعود كما في الجامع الصغير وهو حديث عظيم جليل يتعلق بمبدأ الخلق ونهايته وأحكام القدر في المبدأ والمعاد وإنكار عمرو بن عبيد من زهاد القدرية له من ضلالاته وخرافاته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015