الخامس: عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: حَفِظتُ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "دَعْ ما يَرِيبُكَ إلى ما لا يَرِيبكَ"
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وحماقته وجهالته.
فائدة
قال العلماء: كتاب الله تعالى ولوحه وقلمه والصحف المذكورة كل ذلك مما يجب الإيمان به وكيفية ذلك وصفته يعلمه الله سبحانه ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء والله أعلم. قوله: (حفظت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) دليل على أن شرط الشهادة من البلوغ والإسلام إنما تعتبر حال الأداء دون التحمل فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- توفي والحسن دون البلوغ وأخباره كلها مقبولة والله أعلم. قوله: (دع ما يريبك) أمر ندب أي دع ما تشك فيه من الأقوال والأفعال إنه منهي عنه أولاً أو سنة أو بدعة واعدل عنه (إلى ما لا يريبك) أي ما لا تشك فيه من الحلال البين والمقصود أن يبني المكلف أمره على اليقين البحت والتحقيق الصرف ويكون على بصيرة في دينه قيل حاصل الحديث يرجع إلى ما مر في الحديث السابق أن من اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه إذ حاصلهما النهي التنزيهي عن الوقوع في الشبهات ومن ثم قيل إنه يجب اجتنابها وفصل آخرون فقالوا تلحق الشبهة المحتملة الفاحشة بالحرام بخلاف غيرها فبيع نحو العينة مشتبه لأنه حيلة للربا وهي فيه نافعة عند قوم وغير نافعة عند آخرين فإن الله لا تخفى عليه خافية والأعمال بالنيات وعليه قال بعضهم إن اطلع الله على نية فاعل ذلك إنها بريئة من الحيلة وإن قلبه لم ينطو على الحرام لم يعاقب لكنه لم يستبريء لدينه ولا لعرضه لأنه يظن به الربا وتسوء به الظنون فطلب منه دفع هذا المريب إلى ما لا يريب وورد لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يترك ما لا بأس به مخافة ما به بأس وقال بعض أرباب الإشارات معناه إذا كنت صحيح الخاطر طاهر الباطن مراقباً للغيب وتعرف لمة الملك من لمة الشيطان والإلهام من حديث النفس وكنت مميزاً بين الحق والباطل بنور الفراسة وصفاء القلب فدع ما يريبك من الأغلوطات والشبهات النفسانية والشيطانية إلى ما لا يريبك مما ينزل بقلبك وعقلك وروحك من الإلهام الإلهي والعلم اللدني