فيسبق عليه الكتابُ فيعمل بعمل أهل النارِ فيدخلها وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النَّارِ حتَّى ما يَكُونُ بَينَهُ وبَينَها إلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ الجنَّةِ فَيَدْخُلُها"
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بقي بينه وبين مقصده ذراع. قوله: (فيسبق) أي يغلب (عليه الكتاب) أي المكتوب في بطن أمه مستنداً إلى
سابق العلم الأزلي فيه ويصح بقاؤه على مصدريته وهذه الجملة وما بعدها تفريع على ما مهده -صلى الله عليه وسلم- من كتابة السعادة أو الشقاوة عند نفخ الروح مطابقين لما في العلم الأزلي لبيان أن الخاتمة إنما هي على وفق تلك الكتابة ولا عبرة بظواهر الأعمال قبلها بالنسبة لحقيقة الأمر وإن اعتبر بها من حيث كونها علامة ثم دخوله النار إما لكفره والعياذ بالله فيكون دخول خلود أو لمعصيته فيكون دخول تطهير قال القاضي وغيره وهذا نادر جداً لخبر "إن رحمتى سبقت غضبي" وفي رواية تغلب غضبي بخلاف ما بعده فإنه كثير فالله الحمد والمنة على ذلك. قوله: (وبينها) أي النار. قوله: (بعمل أهل الجنة) أي بأن يؤمن بعد كفره أو يتوب من ذنبه فيخرج من تبعته وإصره (فيدخلها) أي الجنة بحكم القدر البخاري عليه في هذا وفيما قبله المستند إلى خلق الدواعي والصوارف في قلبه إلى ما يصدر عنه من أفعال الخير فمن سبقت له السعادة صرف الله قلبه إلى خير يختم له به وضده بضده وفي بعض روايات هذا الحديث وإنما الأعمال بالخواتيم والأعمال بخواتيمها، وقد اختلف أهل التحقيق فمنهم من راعى حكم السابقة وجعلها نصب عينيه ومنهم من راعى حكم الخاتمة والأول أولى لأنه سبق في علمه الأزلي سعيد العالم وشقيه ثم رتب على هذا السبق الخاتمة عند الموت بحسب صلاح العمل عندها وفساده وعلى الخاتمة سعادة الآخرة وشقاوتها والمبني على المبني على الشيء مبني على ذلك الشيء فحقيقة السعادة أو الشقاوة مبنية على سابقة العلم بها فهي إذا أولى بالخوف منها والمراعاة لها وأفاد الحديث أن التوبة تهدم ما قبلها من الذنوب وأن من