لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ الجنة، حتى ما يكونُ بينهُ وبينَها إلا ذِرَاعٌ،

ـــــــــــــــــــــــــــــ

لابن حبان في صحيحه إنما الأعمال بخواتيمها كالوعاء فإذا طاب أعلاه طاب أسفله وإذا خبث أعلاه خبث أسفله ومنها لمسلم إن الرجل ليعمل الزمان الطويل بعمل أهل الجنة ثم يختم له بعمل أهل النار وإن الرجل ليعمل الزمان الطويل بعمل أهل النار ثم يختم له بعمل أهل الجنة، ومنها لا حمد لا عليكم أن تعجبوا بأحدكم حتى تنظروا بما يختم له الحديث، وفي البخاري ومسلم في الرجل الذي قاتل المشركين أبلغ قتال فقال -صلى الله عليه وسلم-: "أنه من أهل النار" فجرح فلم يصبر فقتل نفسه فلما بلغ ذلك -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة"، والفاء داخلة على المقسم به وهي فصيحة أي إذا كان الشقاء والسعادة مكتوبين فوالله الذي الخ وجيء بالقسم والتأكيد بأن واللام للرد على المنكر في الجملة والتنبيه على تحقق وقوع ما بعده وهو إن أحدكم الخ وهذا المحلوف عليه مأخوذ من آيات القدر نحو {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} وأحاديثه: كحديث محاجة آدم موسى وحديث: اعملوا فكل ميسر لما خلق له وحديث: اعملوا على مواقع القدر. قوله: (ليعمل بعمل أهل الجنة) أي فيما يبدو للناس كما تقدم في الصحيحين ففيه إشارة إلى أن باطن الأمر قد يكون بخلاف ظاهره وإن خاتمة السوء تكون والعياذ بالله بسبب دسيسة باطنة للعبد لا يطلع عليها النّاس وكذا قد يعمل الرجل بعمل أهل النار وفي باطنه خصلة خير خفية تغلب عليه آخر عمره فتوجب له حسن الخاتمة وسيأتي لهذا المقام مزيد. قوله: (حتى ما يكون) بالرفع لأن ما ألغت حتى، قال ما هنا لمجرد النفي منسلخ عن معنى الحالية ليجامع أن التي للاستقبال أي التي بعد حتى الناصبة كما أن اللام في قوله ولسوف يعطيك لمجرد التأكيد معرى عن معنى الحالية لكن في النسخ المصححة من البخاري ومن هذا الكتاب ضبطه بالضم اهـ. وقوله: "حتى ما يكون بينه وبينها" أي الجنة "إلا ذراع" هو من باب التمثيل المقرر في علم البيان وهو تمثيل القرب من موته ودخوله عقبه الجنة هنا وفي نظيره الآتي ضدها أي ما بقي بينه وبينها إلا كمن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015