وَشقِيٌ أوْ سَعِيدٌ، فَوالَّذي لا إله غَيرُهُ إن أحَدَكُمْ

ـــــــــــــــــــــــــــــ

يسأل عنها فيقول: يا رب ما الرزق؟ ما الأجل؟ ما العمل؟ وهل هو شقي أو سعيد؟ فمن تلك الأحاديث أن النطفة إذا استقرت في الرحم أخذها الملك في كفه فقال: أي رب ذكر أم أنثى؟ شقي أم سعيد؟ ما الأجل؟ ما الأثر؟ بأي أرض يموت؟ فيقال له: انطلق إلى أم الكتاب أي اللوح المحفوظ، وقد تطلق على العلم القديم وليس مراداً هنا لأن ذلك لا يطلع عليه غير الله فإنك تجد (قصة هذه النطفة فينطلق فيجد) قصتها في أم الكتاب تخلق فتأكل رزقها وتطأ أثرها فإذا جاء أجلها قبضت فدفنت في المكان الذي قدر لها، ثم الرزق ما يتناول إقامة البدن وانتفاعه ولو حراماً خلافاً للمعتزلة، والأجل يطلق ويراد به مدة الحياة ويطلق ويراد به آخرها الذي هو آن الموت ولا مانع من أن يكون المراد الأجل بمعنييه لأن الملك يكتب الأجل بكلا هذين المعنيين فيكون من باب استعمال المشترك في معنييه أو من استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه والمراد من عمله الذي يكتب ما سيعمله وهذا يدل على أن هذا الملك غير الملكين اللذين هما الحفظة فإن وظيفتهما كتب ما عمل

العبد لا ما سيعمل وإنما يباشران الكتابة لعمله بعد تكليفه لا في هذا الوقت والظاهر أن هذا يكتب جميع أعماله التي ستقع منه قبل التكليف وبعده اختيارية أو اضطرارية بخلافهما إنما يكتبان الأفعال الاختيارية التي يثاب عليها العبد أو يعاقب والله أعلم. قوله: (وشقي أو سعيد) مرفوع بتقدير هو وعدل إليه عن قوله وشقاوته أو سعادته لأنها حكاية لصورة ما يكتب الملك والتقدير أنه شقي أو سعيد فعدل عنه لأن التفصيل ورد عليهما ذكره الطيبي، والسعادة معاونة الأمور الإلهية للإنسان على نيل الخيرات ويقابلها الشقاوة وقدم الشقاوة ليعلم أن الشر كالخير من عند الله تعالى. قوله: (فوالذي لا إله غيره) قال الخطيب في كتاب الفصل والوصل من هنا الخ مدرج من كلام ابن مسعود وبين دليل ذلك ورد عليه ذلك ووروده عنه مدرجاً من قوله في رواية لا تقاوم روايته في الصحيحين الصريحة في رفعه وعلى التنزل وأنه مدرج من قوله فلا ينسب إليه إلا اللفظ أما المعنى فهو صحيح عنه -صلى الله عليه وسلم- من طرق صحيحة منها للبخاري إنما الأعمال بالخواتيم ومنها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015