لا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
التردد في حله وحرمته كما مر وإن الحرام ما في ذاته صفة محرمة كالإسكار أو في سببه ما يجر إليه خللاً كالبيع الفاسد، ومنه ما تحققت حرمته واحتمل حله كمغصوب احتمل إباحة مالكه فهو حرام صرف وليس من المشتبه كما تقرر في نظيره والذي فيهما احتمال محض لا سبب له في الخارج إلا مجرد التجويز العقلي وهو لا عبرة به فليسا من المشكوك فيه، والمشتبه أربعة أنواع: الأول: الشك في المحلل والمحرم فإن تعادلا استصحب السابق وإن كان أحدهما أقوى لصدوره عن دلالة معتبرة في العين فالحكم له، الثاني: الشك في طرو محرم على الحل المتيقن فالأصل الحل الثالث: أن يكون الأصل التحريم ثم يطرأ ما يقتضي الحل بظن غالب فإن اعتبر سبب الظن شرعاً حل وألغى النظر لذلك الأصل وإلا فلا الرابع: أن يعلم الحل ويغلب على الظن طرو محرم فإن لم تستند غلبته لعلامة تتعلق بعينه لم يعتبر وذكر أمثلة ذلك بما فيه بسط وهي لا تخفى على الفقيه النبيه. قوله: (لا يعلمهن كثير من النّاس) أي من حيث الحل والحرمة أي لا يعلم حكمهن منهما لخفاء النص فيه لكونه لم ينقله إلا القليل أو لتعارض نصين فيه من غير معرفة المتأخر أو لعدم نص صريح فيه وإنما يؤخذ من عموم أو مفهوم أو قياس وهذا يكثر اختلاف العلماء فيه أو لاحتمال الأمر فيه للوجوب والندب والنهي للكراهة والحرمة ومع هذا فلا بد في الأمة من عالم يوافق الحق قوله فيكون هو العالم بهذا الحكم وغيره يكون الأمر مشتبهاً عليه وخرج بالحيثية المذكورة علمهن من حيث أشكالهن لترددهن بين أمور محتملة لأن علم كونهن مشتبهات يستلزم علمهن من هذه الحيثية، أما النادر من النّاس وهم الراسخون في العلم فلا يشتبه عليهم ذلك لعلمهم من أي القسمين هو بنص أو إجماع أو قياس أو استصحاب أو غير ذلك فإن لم يظهر لهم شيء فهو باق بالنسبة للعلماء وغيرهم وكذا ما لم يتنازعه شيء مما مر لكن لم يتيقن سبب حله ولا حرمته كشيء وجده في منزله ولم يدر هل هو له أم لغيره وتقوى الشبهة بأن يكون يتيقن هناك محظور من جنسه وشك هل هو من غيره وحينئذٍ اختلفوا فيما يأخذ به فقيل بحله لقوله في الحديث كالراعي الخ دل على أنه حلال والورع تركه لأن الورع عند ابن عمر ومن تبعه ترك شيء من الحلال خوف الوقوع في الحرام وقيل بحرمته لأنه يوقع في الحرام ولقوله الآتي: فمن اتقى الشبهات