بلى يا رسول الله، قال:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بعضه على بعض الذي بالغ صاحبه في حفظه وكتمه وغير متعارف وهو هذه الكلمة الجامعة للتنزه
بالمعاني الإلهية كما يعلم مما تقدم اهـ. وفي شرح مسلم للمصنف وسبب كونها من كنوز الجنة أنها كلمة استسلام وتفويض إلى الله تعالى واعتراف بالإذعان وأن لا صانع إلاَّ الله ولا راد لأمره وإن العبد لا يملك شيئاً من الأمر أي فلا يستحق شيئاً بل إن نوقش في الحساب عذب قال الشيخ ابن حجر ولذا كانت هي الكنز العلي والعطاء الوفي ولم لا، وهي محتوية على التوحيد الخفي لأنه إذا نفيت الحيلة والاستطاعة مما من شأنه ذلك وأثبتت لله تعالى على وجه الحصر اتحاداً واستعانة وتوفيقاً لم يشذ شيء عن ملكه وملكوته اهـ، وفي أمالي الحافظ زين ألدين العراقي عن المستدرك ومن خطه نقلت ما لفظه أنشدكم لنفسي في هذا المعنى:
يا صاح أكثر قول لا حول ولا ... قوة فهي للداء دوا
وأنها كنز من الجنة يا ... فوز امرئ لجنة المأوى أوى
له يقول ربنا أسلم لي ... عبدي واستسلم راضيا هوا
قوله: (بلى) هي كلمة يؤتى بها في الجواب كنعم إلا أنها تختص بالنفي وتفيد إبطاله سواء كان مجرداً أم مقروناً بالاستفهام حقيقياً أو توبيخياً أو تقريرياً نحو {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي} [التغابن: 7] ونحوه أليس زيد قائماً ونحو {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى} [الزخرف: 80] {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172]، أجرى النفي مع التقرير مجرى النفي المجرد في رده ببلى ولذلك قال ابن عباس وغيره لو قالوا نعم كفروا ووجهه إن نعم تصديق للخبر بنفي أو إيجاب ولذلك قال جماعة من الفقهاء لو قال أليس لي عليك ألف فقال بلى لزمته ولو قال نعم لم تلزمه وقال آخرون يلزمه فيهما وجروا في ذلك على مقتضى العرف لا على اللغة ونازع السهيلي وجماعة في المحكي عن ابن عباس