علم من حاله أنه لا يحب الشكر ولا يقصده فينبغي أن يشكرَه ويظهر صدقته. وقال سفيان الثوري رحمه الله: من عرف نفسه لم يضره مدح النّاس. قال أبو حامد الغزالي بعد أن ذكر ما سبق في أول الباب:

فدقائق هذه المعاني ينبغي أن يلحظها من يراعي قلبه، فإن أعمال الجوارح مع إهمال هذه الدقائق ضحكة للشيطان لكثرة التعب وقلة النفع، ومثل هذا العلم هذا الذي يقال: إن تعلُّمَ مسألةٍ منه أفضلُ من عبادة سنة،

ـــــــــــــــــــــــــــــ

علم من حاله أنه لا يحب الشكر الخ) أي وذلك لحديث لا يشكر الله من لا يشكر النّاس وخرج من عمومه القسم الأول لما ذكر فيه. قوله: (من عرف نفسه الخ) أي من نور الله بصيرته فعرفه

نفسه وأوصافها من الذلة والفقر والضعف والعجز لم يضره مدح النّاس فيوقعه في إعجاب ونحوه لأنه يعلم أنه عاجز ضعيف لا يقدر على جلب محمدة ولا رفع مذمة وإن ما أثنى به عليه من الله فضلاً ومنه فيكون سبباً لزيادة رجوعه إلى ربه وخروجه عن نفسه والله أعلم. قوله: (فدقائق هذه المعاني) أي خشية العجب والفتنة والسلامة من ذلك ينبغي للمادح أن يتأمل فيها وينظر بعين بصيرته حال الممدوح فيها فيعامله بما يليق به. قوله: (ومثل هذا العلم هو الذي يقال الخ) "قال الأستاذ الكبير أبو الحسن الشاذلي" من لم يدخل في طريقنا هذه مات وهو مصر على الكبائر لأن القوم رضي الله عنهم لما رزقهم الله من نور اليقين عرفوا معايب النفس وغرورها فاحترزوا من ذلك وأخذوا أنفسهم بالجد والإخلاص في الطاعة ففازوا بما فازوا به نفع الله بهم.

قال عمي الشيخ العارف بالله تعالى أحمد بن علان البكري الصديقي النقشبندي سلمه الله تعالى: ليس هذا الكلام من الشيخ أبي الحسن على سبيل المبالغة بل هو على حقيقته لأن من لم يهذب نفسه بما ذكروه لا يؤمن عليه أن يطرقه العجب في عمله ويخشى عليه الهلاك بذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: "ثلاث منجيات وثلاث مهلكات" إلى أن قال وأما المهلكات فهوى متبع وشح مطاع وإعجاب المرء بنفسه وهي أشدهن، ثم قال العم: فيا أخي فأي عامل يعمل ويسلم من العجب الذي هو من المهلكات بل هو أشدهن إلا من عصمه الله ومن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015