إذ بهذا العلم تحيا عبادة العمر، وبالجهل به تموت عبادة العمر وتتعطل، وبالله التوفيق.
قال الله تعالى: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 32] اعلم أن ذِكْر محاسن نفسه ضربان: مذموم؟ ومحبوب، فالمذموم أن يذكره للافتخار وإظهار الارتفاع والتميز على الأقران وشبه
ذلك، والمحبوب أن يكون فيه مصلحة دينية، وذلك بأن يكون آمراً بمعروف، أو ناهياً عن منكر، أو ناصحاً، أو مشيراً
ـــــــــــــــــــــــــــــ
درب نفسه بما ذكروه فحفظه الله والله أعلم. قوله: (إذ بهذا العلم تحيا عبادة العمر) فيصير للعمل اليسير منه ما ليس لغيره من كثير العمل لحياة قلبه ومزيد معرفته بربه وضده بضده والله أعلم.
باب مدح الإنسان نفسه وذكر محاسنه
قوله: (قال تعالى: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 32] قال أبو حيان في النهر لا تنسبوها إلى زكاة العمل والطهارة عن المعاصي ولا تثنوا عليها واهضموها فقد علم الله منكم الزكي والتقي اهـ. ويعلم مما يأتي أن النهي مخصوص بما إذا قصد به الفخار ولم تترتب على التزكية مصلحة شرعية تقصد. قوله: (مذموم) أي وتتفاوت مراتبه بتفاوت مراتب القصد. قوله: (فالمذموم أن يذكره للافتخار الخ) وهو إنما يصدر عمن لم تنفتح عين بصيرته إذ كيف يفتخر بالعمل الصالح مثلاً وهو ليس له حقيقة إذ الكل الله ملكاً وإيجاداً وإنما الإنسان مظهر لتلك الأحوال فالمنة الله الملك المتعال قال تعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ
هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ} وقوله: (وإظهار الارتفاع) هو كالعطف التفسيري إذ الفخر ادعاء الشرف والعظم والكبر كما في النهاية وفيه تنبيه على أن ما يبديه المفتخر من إظهار الارتفاع والتميز ليس وصفاً له بالحقيقة إنما هو بحسب ادعائه وتسويل نفسه له ذلك. قوله: (وشبه ذلك) بكسر الشين المعجمة أي ما شابهه وحاكاه من المقاصد المذمومة. قوله: (والمحبوب فيه) أي المدح (أن يكون فيه) أي ذكر محاسنه (مصلحة دينية الخ) ثم محل كون ما ذكر محبوباً ألا يشينه بأن يقصد مع ذلك شيئاً من المذموم من