"أَنتمْ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إلي".
وفي الحديث الآخر قال لأشج عبد القيس: "إن فيكَ خَصْلَتَينِ يُحِبُّهُما الله تعالى وَرَسُولُهُ: الحُلْمُ وَالأناةُ".
وكل هذه الأحاديث التي أشرت إليها في الصحيح مشهورة، فلهذا لم أُضفها، ونظائر ما ذكرناه من مدحه -صلى الله عليه وسلم- في الوجه كثيرة. وأما مدح الصحابة والتابعين فمن بعدهم من العلماء والأئمة الذين يقتدى بهم رضي الله عنهم أجمعين فأكثر من أن تحصر، والله أعلم.
قال أبو حامد الغزالي في آخر "كتاب الزكاة" من "الإحياء": إذا تصدَّق إنسان بصدقة، فينبغي للآخذ منه أن ينظر، فإن كان الدافع ممن يحب الشكر عليها ونشرها فينبغي للآخذ أن يخفيَها لأن قضاء حقه أن لا ينصره على الظلم، وطلبه الشكر ظلم، وإن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
نسب تخيره الإله لصحبه ... اثقل به نسباً على الكفار
إن الذي يغزو ببدر منكمو ... يوم القليب همو وقود النار
ذكره أبو الفرج الأموي اهـ. قوله: (أنتم من أحب النّاس إلي) كرر ذلك مرتين في حديث أنس قال الشيخ زكريا هو حكم على المجموع أي مجموعكم أحب إلي من مجموع غيركم فلا ينافي قوله في جواب من قال له من أحب النّاس إليك قال أبو بكر اهـ.
قوله: (وفي الحديث الآخر قال لأشج عبد القيس) هو حديث صحيح مروي في الصحيحين من حديث ابن عباس وأشج عبد القيس اسمه المنذر بن عائذ بالذال المعجمة القصري هذا هو الصحيح الذي قاله ابن عبد البر والأكثرون أو الكثيرون وقال الكلبي المنذر بن الحارث بن زياد بن عصر بن عوف وقيل اسمه المنذر بن عامر وقيل المنذر بن عبيد وقيل اسمه عائذ بن المنذر وقيل عبد الله بن عوف كذا في شرح مسلم للمصنف. قوله: (الحلم) هو العقل (والأناة) قال في القاموس الأناة كقناة الحلم والوقار وقال المصنف هو التثبت وترك العجلة وهي مقصورة. قوله: (فينبغي للآخذ أن يخفيها) أي معاملة له بنقيض قصده لينصره على نفسه من ظلمها له وطلبها ما فيه هلاكه من الظلم.
قوله: (وإن