وأنه لا يقع فيما أخبر به خُلف، وإلَّا. . لم يأذن له عقله الذي هو أكمل العقول بالقطع في شيءٍ أنه لا يكون وهو يكون.
ثم وجوه إعجاز القرآن لا تنحصر:
فمنها: إيجازه وبلاغته، ومن ثَم لمَّا سمع أعرابيٌّ قوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ}. . سجد، وقال: (سجدت لفصاحة هذا الكلام!) (?).
ولمَّا سمع الأصمعي من جارية خماسيّةٍ أو سداسيّةٍ فصاحةً (?)، فعجب منها. . فقالت: (أَوَ يُعدُّ هذا فصاحةً بعد قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ} الآيةَ؛! فجمع فيها بين أمرين، ونهيين، وخبرين، وبِشارتين) (?).
وقد قال بعض بطارقة الروم لما أسلم لعمر: (إن آية: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ} جمعت ما أُنزل، على عيسى عليه الصلاة والسلام من أحوال الدنيا والآخرة) (?).
ومنها: خروجه عن جنس كلام العرب نظمًا ونثرًا، وخُطبًا وشعرًا، ورجزًا وسجعًا، فلا يدخل في شيء منها مع كون ألفاظه وحروفه من جنس كلامهم؛ ومن ثَمَّ لم يهتدوا لمثله حتى يأتوا به.
ومنها: أن قارئه لا يمله، وسامعه لا يمجُّه، بل لا يزال مع تكريره وترديده غضًّا طريًا، تتزايد حلاوته، وتتعاظم محبته، يُؤنَس به في الخلوات، ويُستراح بتلاوته من