المكره فلم يفعل (?)، إلا أن يجاب بأنه يرى أن الإكراه يؤثر في الانعقاد دون الحنث، وهو ما يدل عليه كلام بعضهم.
واعلم: أنهم أجمعوا على أن مَنْ أُكره على الكفر. . لزمه الإتيان بالمعاريض وبما يوهم أنه كفرٌ ما لم يُكره على التصريح بخصوصه، بشرط طمأنينة القلب على الإيمان غير معتقدٍ لما يقوله، ولو صبر حتى قتل. . كان أفضل.
قال بعض أئمتنا: ولا يتصور الإكراه على الجماع؛ لأنه متعلقٌ بالشهوة، والأصح: تصوُّره؛ لأنها عند مشاهدة أسبابها قهريةٌ على الإنسان.
ولا يباح القتل بالإكراه إجماعًا وكذا الزنا، وما عداهما من المعاصي يباح به.
نعم؛ المكره الذي لا اختيار له بالكلية كمن حُمل كرهًا وضرب به غيره حتى مات، أو ربطت فزُني بها ولا قدرة لهما على الامتناع بوجهٍ. . لا يأثمان إجماعًا.
وكذا لا يحنث عند جمهور العلماء من حُمل كرهًا وأدخل محلًّا حلف لا يدخله، ولا يعارض ما مر خبرُ: "لا تشركوا باللَّه شيئًا وإن قُطِّعتم وحُرِّقتم" (?)؛ لأن المرادَ: النهيُ عن الشرك بالقلب، والكلام في الإكراه بغير حقٍّ، أما به. . فهو غير مانعٍ من لزوم ما أكره عليه، ومن ثم لو أكره حربيٌّ على الإسلام. . صحَّ إسلامه.
لما نزل قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ}. . شقَّ ذلك على الصحابة، فجاء جماعة منهم للنبي صلى اللَّه عليه وسلم وقالوا: كُلِّفنا من العمل ما لا نطيق؛ إن أحدنا ليحدِّث نفسه بما لايحب أن يثبت في قلبه وأن له الدنيا، فقال لهم النبي صلى اللَّه عليه وسلم: "فلعلكم تقولون كما قالت بنو إسرائيل: سمعنا وعصينا، قولوا: سمعنا وأطعنا" فقالوا ذلك، فلما دارت بها