الحديث، وأسند عن عائشة رضي اللَّه تعالى عنها عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "لا طلاق ولا عتاق في إغلاق" (?) أي: إكراه، وهو مذهب عمر وابنه وابن الزبير رضي اللَّه تعالى عنهم، وتزوج ثابت بن الأحنف أم ولدٍ لعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، فأكره بالسياط والتخويف على طلاقها في خلافة ابن الزبير، فقال له ابن عمر: (لم تَطْلُقْ عليك، ارجع إلى أهلك) وكان ابن الزبير بمكة، وكتب له إلى عامله على المدينة -وهو جابر بن الأسود- أن يردَّ إليه زوجته، وأن يعاقب عبد الرحمن مولاها المذكور، فجهزتها له صفية زوجة عبد اللَّه بن عمر، وحضر عبد اللَّه عرسه (?).

وقال أبو حنيفة ومالك رضي اللَّه عنهما: يحنث المكره (?)؛ لأن صورة المحلوف عليه قد وجدت، والكفارة لا تسقط بالأعذار، أَلَا ترى أنه يلزمه أن يحنث نفسه ومع ذلك تلزمه الكفارة؟!

وجوابه: أن التعليل بوجود صورة المحلوف عليه لم يقم عليه دليلٌ، بل قام الدليل على أنه يخص منه وجودها مع خطأ أو نسيان أو إكراه، وكون الكفارة لا تسقط بالأعذار لا ينافي ما ذكرناه؛ لأن من لزمه الحنث له مندوحةٌ عنه من غير أذًى بدنيٍّ يلحقه (?)، فلم يسمَّ مكرهًا حتى يرتفع عنه وجوبها، بخلاف المكره.

ويدل لما ذكرناه أنه لو حلف مكرهًا. . لا تنعقد يمينه، فكذا إذا فعل المحلوف عليه مكرهًا، فقد أثر الإكراه في أحد سببي وجوب الكفارة، ومر أن الإكراه لو قارن كلمة الكفر. . لم يتعلق بها حكمها، فكذا إذا قارن سبب الكفارة، وما نقل عن مالكٍ رضي اللَّه عنه قد ينافيه ما حكي عنه أنه ضُرِب سبعين سوطًا على أن يفتي بانعقاد يمين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015