ألسنتهم واطمأنت إليها نفوسهم. . أنزل اللَّه تعالى بعد عام الفرَجَ والرحمةَ بقوله جلَّ ثناؤه نسخًا لتلك: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ} إلى آخر السورة، فلما قالوا: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}. . قال: قد فعلت (?)، وكذا في كل مما بعدها إلى: {مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ}، ومر عن بعضهم أنه لا يؤمَّن عند هذه الثلاث؛ لأن اللَّه تعالى قال: قد فعلت، بل عند قوله: {وَاغْفِرْ لَنَا} إلى آخر السورة، والأصح: أنه يؤمَّن.
زعم الشيعة وغيرهم -قبَّحهم اللَّه- أن مبايعة عليٍّ أبا بكر رضي اللَّه تعالى عنهما إنما كانت تَقِيَّةً، واستدلوا على جواز التَّقِيَّة بقوله تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطمَئِنُّ بِالْإِيمَانِ}، وقوله: {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوْا مِنهُمْ تُقَاةً} وقرئ: {تَقِيَّةً}، وبحديث: أنه صلى اللَّه عليه وسلم استأذن عليه رجلٌ فقال: "بئس أخو العشيرة" فلما دخل. . ألَانَ له القول، وضحك إليه، فسُئل عن ذلك فقال: "إن شر الناس مَنْ أكرمه الناس اتقاء شره" (?).
وجوابه: أنه لا مبالاة بإثبات التَّقِيَّة في غير محل النزاع، وإنما كره العلماء لفظها (?)؛ لكونها من مستندات الشيعة، وإلَّا. . فالعالَم مطبقون على استعمالها، وبعضهم يسميها مداراةً، وبعضهم مصانعةً، وبعضهم عقلًا معيشيًا، وعليها أدلة الشرع السابقة وغيرها، وإنما النزاع في إثباتها لعلي وحاشاه اللَّه منها، كما بينتُ ذلك وبسطتُ الكلام عليه في مواضع عديدةٍ في كتابي "الصواعق المحرقة لإخوان الشياطين والضلال والابتداع والزندقة" فانظر ذلك منه؛ فإنه مهمٌّ، وقد صرَّح جمعٌ من أكابر أهل البيت بنفيها عن علي رضي اللَّه تعالى عنه وكرم اللَّه وجهه؛ كما بينته ثَم وأطلتُ الكلام فيه أيضًا.
* * *