وقالت طائفةٌ منهم مالك كفقهاء المدينة السبعة رضي اللَّه تعالى عنهم (?): لا تتوجه إلا إن وجد بينهما اختلاطٌ؛ لئلا تَبْتَذِلَ السفهاءُ الأكابرَ بتحليفهم مرارًا في اليوم الواحد.
ورُدَّ: بأنه لا أصل لاشتراطها في كتابٍ ولا سنةٍ ولا إجماعٍ، وفيه تحاملٌ؛ لأن رعاية المصالح ودرء المفاسد لهما أصلٌ أصيلٌ في ذلك، وإنما وجه الرد: أن ما فيه من المفسدة لا يقابل ما فيه من مصلحة الاحتياط لحق المدعي الممكن الثبوت، فقدمت هذه المصلحة على تلك المفسدة.
وأنه لا عبرة بقول المريض في الدماء خلافًا لمالك؛ لأنه صلى اللَّه عليه وسلم قد سوَّى بين الدماء والأموال في أن المدعي لا يُسمَع قوله فيها، وإذا لم يُسمَع قول المدعي في مرضه: لي عند فلان درهم. . كان أحرى وأولى ألَّا يسمع قوله: دمي عند فلان، لحرمة الدماء.
وأُجيب بأن مالكًا لم يجعل قوله ذلك دليلًا لقَوَدٍ ولا ديةٍ، بل قرينة لَوْث مرجحة لجانب المدعي حتى تكون اليمين في جهته؛ لأن المريض قادمٌ على اللَّه تعالى فيبعد في حقه كلَّ البعد الكذبُ وإن كان من أشر الفُسَّاق.
ويردُّ بأنه متهمٌ، سيما إن كان له عدو، وتلك القرينة لم يعوِّلوا عليها في إقرار المريض لوارثه؛ فإنه باطلٌ عندهم مع وجود ذلك المعنى فيه، فإذا أبطلوه ثَمَّ مع كون الشبهة أضعف فيه. . فليكن باطلًا هنا بالأَولى.
قال شيخ الإسلام ابن دقيق العيد: (في مذهب مالك وأصحابه تصرفاتٌ بالتخصيصات لهذا العموم المذكور في الحديث، منها: اشتراط الخلطة، وأن من