ومن حلَّفه القاضي بغير اللَّه تعالى، أو حلف بنفسه، أو حلَّفه خصمه، أو نحو أميرٍ. . اعتبرت نية الحالف، فتنفعه التورية والاستثناء إن نواه قبل تمام يمينه.
وليس لقاضٍ تحليفٌ بطلاقٍ أو عتقٍ، فإن فعل. . عزله الإمام.
وإذا حلف المنكر أو نكل المدعي عن اليمين المردودة. . انقطع النزاع، فللمدعي بعد ذلك إقامة البينة (?)، ويحكم له بها وإن كان قد قال: لا بينة لي حاضرة ولا غائبة، أو كلُّ بينةٍ لي كاذبةٌ.
وبقي للكلام على صفة اليمين والنكول وما يتعلَّق بهما تفصيلٌ طويلٌ محله كتب الفروع.
واستفيد من الحديث: أنه لا يُقبَل قول الإنسان فيما يدعيه بمحض دعواه وإن غلب على الظن صدقه، بل يحتاج إلى بينة أو تصديق المدعى عليه، فإن طلب يمين المدعى عليه. . فله ذلك، وقد بيَّن صلى اللَّه عليه وسلم الحكمة في كونه لا يعطى بمجرد دعواه بأنه لو أُعطي بمجردها. . لادَّعى قومٌ دماءَ قوم وأموالهم واستبيحت؛ إذ لا يمكن المدعى عليه أن يصون ماله ودمه، وأما المدعي. . فيمكنه صيانتهما بالبينة.
فعلم أن حكمة كون البينة على المدعي واليمين على من أنكر: هي ضعف جانب المدعي؛ لدعواه خلافَ الأصل، وجانب المنكر قوي؛ لموافقته أصل براءة الذمة، والبينة حجةٌ قويةٌ، لبعدها عن التهمة، واليمين حجةٌ ضعيفةٌ، لقربها منها (?)، فجعلت الحجة القوية في الجانب الضعيف، والحجة الضعيفة في الجانب القوي، ليتعادلا.
واستفيد منه أيضًا: الدلالة الظاهرة لمذهبنا ومذهب الجمهور من سلف الأمة وخلفها: أن اليمين تتوجه على كل من ادُّعِيَ عليه حقٌّ سواءٌ أكان بينه وبين المدَّعِي اختلاطٌ أم لا (?).