إليه؛ لأنها إن فسرت بإرادتنا. . فهي حادثةٌ، والحادث لا يتعلَّق بالقديم، وإن فسرت بما يتعلق بمستلَذٍّ محسوسٍ. . فاللَّه تعالى منزهٌ عن ذلك- المرادُ بها في حقه تعالى (?): غايتها من إرادة الثواب، فتكون صفة ذاتٍ، أو الإثابةِ فتكون صفة فعلٍ، وفي حقنا طاعة اللَّه تعالى وتعظيمنا إياه، وموافقته على جميع مراداته، مع رجاء أن يثيبنا على امتثال أمره، واجتناب نهيه، وينعم علينا بنعمه التي لا تحصى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}.

ومن ثم قال صلى اللَّه عليه وسلم: "أحبوا اللَّه لما يغذوكم به من نِعَمه" (?) فلا منعم غيره، ولا محسن إلا إياه، إذ هو الخالق للمحسن وإحسانه، فكان هو الحقيق بالمحبة؛ كما أشار لذلك صلى اللَّه عليه وسلم بقوله: "جُبلت القلوب على حبِّ مَنْ أحسن إليها" (?)، ومن محبته تعالى محبة مَنْ أحبه من نحو نبيٍّ أو ملكٍ أو ولي.

وبيَّن الأستاذ أبو القاسم القشيري قسميها المذكورين بكلامٍ نفيسٍ (?)، حاصله: (أنها منه تعالى للعبد: إرادته لإنعامٍ مخصوصٍ عليه، كما أن رحمته إرادته مطلق الإنعام، فالمحبة أخص من الرحمة، وهي أخص من الإرادة، فإرادته تعالى وإن كانت صفةً واحدةً إلا أنها تتفاوت بحسب تفاوت متعلقاتها، فعند تعلقها بالعقوبة تسمى غضبًا، وبعموم النعم رحمةً، وبخصوصها محبةً.

ومن العبد له تعالى: حالةٌ يجدها في قلبه تلطف عن العبارة (?)، وقد تحمله تلك الحالة على تعظيمه، وإيثار رضاه، وقلة الصبر عنه، مع الاستئناس بدوام ذكره له بقلبه، وليست ميلًا ولا اختلاطًا، كيف وحقيقة الصمدية مقدسةٌ عن اللحوق والإحاطة، والمحب بوصف الاستهلاك في المحبوب أَولى منه بوصف الاختلاط؟! وليس لها وصفٌ ولا حدٌّ أوضح ولا أقرب للفهم من لفظ المحبة) اهـ (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015