(وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت) مر الكلام على ذلك مستوفًى في شرح (الحديث الثاني) و (الثالث) (?).
(ثم قال) له صلى اللَّه عليه وسلم: (ألا أدلك) عرضٌ؛ نحو: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ} الآية؛ أي: عرضت ذلك عليك، فهل تحبه؟ وفيه غاية التشويق إلى ما سيذكره له؛ ليكون أوقعَ في نفسه، وأبلغَ في ملازمته، وأحثَّ على تفرغها لاستفادته.
(على أبواب الخير) فيه زيادة ذلك التشويق، والمراد بالخير هنا: ضد الشر.
ثم الإضافة إن كانت بيانية. . كان المراد به الأعمال الصالحة التي يتوصل بها إلى أعمال أخرى أكمل منها كما استفيد من تسميتها أبوابًا، فهو من المجاز البليغ؛ لما فيه من تشبيه المعقول بالمحسوس (?)، نظيرَ ما مر آنفًا.
وأُوثر فيها جمع القلة إشارةً إلى تسهيل الأمر على السامع؛ ليزيد نشاطه وإقباله. هذا ما ظهر لي، وهو أولى من قول بعضهم: إنما أوثر؛ لأنه ليس له جمع كثرة كآذان، وأقلام، وأقسام.
وإن كانت بمعنى (اللام). . كان المراد به الجزاء العظيم، والثواب الجسيم، وبها سائر الأعمال الصالحة.
ويدل للثاني: رواية ابن ماجه: "ألا أدلك على أبواب الجنة؟! " (?)، وللأول: تخصيصه بعضَ الأعمال بالذكر بقوله: (الصوم) أي: الإكثار من نفله؛ لأن فرضه مر ذكره قريبًا (جُنَّة) بضم الجيم، من (جنَّ) إذا استتر؛ أي: هو مِجَنٌّ وسترٌ ووقايةٌ لك من النار في الآجل، ومن استيلاء الشهوات والغفلات عليك في العاجل، وذلك باب أيُّ باب، ووسيلة أيُّ وسيلة إلى صفاء الأحوال، ووقوع أفضل الأعمال، على