نهاية الكمال، ومن ثم قال تعالى: "الصوم لي وأنا أجزي به" (?)، وقال تعالى: "يدع طعامه وشرابه من أجلي فأنا أجزي به" (?).
وفي الكتاب العزيز: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} والصائمون منهم؛ إذ الصوم: الصبر عن ملاذِّ الشهوات والمألوفات.
(والصدقة) أي: نفلها، لأن فرضها مرَّ قريبًا أيضًا (تُطفئ) أي: تمحو، استعار له لفظ الإطفاء؛ لمقابلته بقوله: (كما. . . إلخ) (?)، أو أن الخطيئة يترتب عليها العقاب الذي هو أثر الغضب المستعمل فيه الإطفاء، يقال: أطفأ غضبه؛ لما مر أنه فوران دم القلب عن غلبة الحرارة.
(الخطيئة) أي: الصغيرة المتعلقة بحق اللَّه تعالى؛ لما علم من القواعد: أن الكبيرة لا يطفئها إلا التوبة، والمتعلقة بحق الآدمي لا يطفئها إلا رضا صاحبها.
(كما يطفئ الماء النار) قال تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} وخصت الصدقة بذلك؛ كأنه لتعدي نفعها، ولأن الخلق عيال اللَّه تعالى، وهي إحسانٌ إليهم، والعادة أن الإحسان إلى عيال الشخص يطفئ غضبه.
وسبب إطفاء الماء النارَ: أن بينهما غاية التضاد؛ إذ هي حارةٌ يابسةٌ، وهو باردٌ رطبٌ، فقد ضادَّها بكيفيتيه جميعًا، والضد يقمع الضد ويعدمه.
وبإطفاء الخطايا يتنور القلب، وتصفو الأعمال، فلذلك كانت الصدقة بابًا عظيمًا لغيرها من الأعمال الفاضلة، ومر أنها برهان؛ أي: حجة على صدق إيمان