ويقابله قياس الطرد؛ وهو: إثبات مثل حكم الأصل للفرع إما بالأولى، أو المساواة، أو الأدْوَنية، ومخالفةُ بعض الأصوليين في قياس العكس ضعيفٌ، وأهلِ الظاهر في القياس من أصله، أو في غير الجلي منه. . مخالفٌ لما أطبق عليه العلماء كافةً من جوازه مطلقًا بشروطه المقررة في الأصول، فلا يعتد بخلافهم على عادتهم، وما نقل عن التابعين من ذمه محمولٌ على قياسٍ معارضٍ للنص، أو فُقِد فيه بعض تلك الشروط.

وفيه أيضًا: أنه ينبغي قرن النية الصالحة بالمباح، لِتقْلبَهُ طاعةً، وأنه لا بأس بذكر المفتي بعضَ الأدل لا الخفية، لكن يراعى الاختصار ما أمكن، وأنه لا بأس بسؤاله عن الدليل الخفي إذا علم منه أنه لا يكره ذلك ولم يكن فيه سوء أدب.

(رواه مسلم) وهو حديثٌ عظيمٌ؛ لاشتماله على قواعد نفيسةٍ من قواعد الدين كما يعلم ممَّا ذكرناه وسنذكره.

وظاهر سياقه: أن الغني الشاكر -وهو من لا يبقي ممَّا يدخل عليه من ماله إلا ما يحتاج إليه حالًا أو ما يُرصده لأحوج أو نحوه- أفضلُ من الفقير الصابر، وهو الأصح كما بينته في أدلته وما فيه من الخلاف الطويل في "شرح العباب" وفي الكتاب السابق ذكره في (شرح الخامس عشر) (?).

ووَجْه أن ذلك ظاهره: أن الفقراء ذكروا له صلى اللَّه عليه وسلم ما يقتضي فضل الأغنياء عليهم بالتصدُّق، فأقرَّهم ولم يجبهم بأنهم أفضلُ منهم، أو مساوون لهم، وإنما علَّمهم ما يشاركهم الأغنياء فيه مع امتيازهم بما لا يشاركهم الفقراء فيه، وهو التصدُّق بفضول أموالهم.

ومن ثم لمَّا أشار الفقراء إلى هذا التمييز عليهم. . قال لهم صلى اللَّه عليه وسلم: "ذلك فضل اللَّه يؤتيه من يشاء" وحملُه على أنه أراد به إنكم فضلتم الأغنياء، أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015