(وفي بُضع) بضم فسكون؛ أي: فرج أو جماع (أحدكم) (?) لحليلته (صدقة) أي: إذا قارنته نيةٌ صالحةٌ؛ كإعفاف نفسه أو زوجته عن نحو نظرٍ أو فكرٍ أو همٍّ محرم، أو قضاء حقها من معاشرتها بالمعروف المأمور به، أو طلب ولدٍ يوحِّد اللَّه تعالى، أو يتكثَّر به المسلمون، أو يكون له فرطًا إذا مات؛ لصبره على مصيبته.

فعلم أن المباح يصير طاعةً بالنية الصالحة، وأن منها ما يُصَيِّر المباضعة صدقةً على المسلمين باعتبار ما ينشأ عنها من وجود ولدٍ صالحٍ يحمي بيضة الإسلام، أو يقوم ببيان العلوم والأحكام، وأنه لا حجة فيه للكعبي من المعتزلة على أن المباح مأمورٌ به؛ لأنه إما محمولٌ على ما قررناه وهو الأظهر، أو يقال: إنما الذي دلَّ عليه أن جماع الحليلة قربةٌ وإن لم ينو، فلا دلالة فيه على أن مطلق المباح مأمورٌ به بوجهٍ.

ووجه إعراض الأئمة عن ظاهره المذكور: ما تقرر عندهم أن النكاح من حيث ذاته إنما هو من باب المباحات؛ لِمَا للنفس فيه من الشهوة النفسانية، لا من باب العبادات إلا بالنية.

و (ق) هنا بمعنى (باء) السببية، ونظيره خبر: "في النفس المؤمنة مئةٌ من الإبل" (?) أو باقيةٌ على ظرفيتها، لكن بتجوُّزٍ؛ كأنَّ البضع لمَّا ترتب عليه ذلك الثواب بشرطه. . صار كالظرف له، وعلى كلٍّ يستفاد منه أن جميع أنواع فعل المعروف والإحسان صدقةٌ، ويوافقه خبر مسلم: "كل معروف صدقةٌ" (?).

وقوله صلى اللَّه عليه وسلم في القصر: "صدقة تصدَّق اللَّه بها عليكم، فاقبلوا صدقته" (?).

وفي حديث: "من نام عن ورده. . كتب اللَّه له أجر صلاته، وكان نومه صدقةً من اللَّه تصدَّق بها عليه" أخرجه النسائي وغيره (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015