وتسميته ما ذكر وما يأتي صدقة من مجاز المشابهة (?)؛ أي: أن لهذه الأشياء أجرًا كأجر الصدقة في الجنس؛ لأن الجميع صادرٌ عن رضا اللَّه تعالى مكافأةً على طاعته، إما في القَدْر أو الصفة (?)، فيتفاوت بتفاوت مقادير الأعمال وصفاتها وغاياتها وثمراتها، وقيل: معناه: أنها صدقةٌ على نفسه.
وفيه فضل هذه الأذكار، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتأخيرهما عنها من باب الترقي (?)؛ لوجوبهما عينًا أو كفايةً، بخلافها، ولا شك أن الواجب بقسميه أفضل من النفل (?)؛ لحديث البخاري: "ما تقرَّب إليَّ المتقربون بمثل أداء ما افترضت عليهم" (?) بل نقل إمام الحرمين أن ثواب الفرض يزيد على ثواب النفل بسبعين درجة، واستأنسوا له بحديث، وقد بينتُ ذلك وما فيه في "شرح الإرشاد" (?) وحقيقة الصدقة موجودةٌ فيهما؛ لنفعهما باقي الناس بإسقاط الحرج عنهم، ومن ثم قال جماعةٌ من أئمتنا: إن فرض الكفاية أفضل من فرض العين؛ لأن نفعه يخص الفاعل، ونفع فرض الكفاية يعم الأمة؛ لسقوط حرجه عنهم.
وفيه إيماءٌ إلى أن الصدقة للقادر عليها أفضل من هذه الأذكار، ويؤيده: أن العمل المتعدي أفضل من القاصر غالبًا، وإلى أن تلك الأذكارَ إذا حسنت النية فيها. . ربما يساوي أجرها أجر الصدقة، سيما في حق من لا يقدر على الصدقة.