(فمن وجد خيرًا) أي: ثوابًا ونعيمًا، بأن وُفِّق لأسبابهما، أو حياةً طيبةً هنيئةً مريئةً؛ كما قال اللَّه تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
(فليحمد اللَّه) تعالى على توفيقه للطاعات التي ترتب عليها ذلك الخير والثواب فضلًا منه تعالى ورحمة، وعلى إسدائه ما وصل إليه من عظيم المبرَّات؛ إذ لا يجب عليه شيءٌ لأحدٍ من خلقه (?)، فعلم أنه إن أُريد بذلك الآخرة فقط. . كان الأمر بذلك بمعنى الإخبار بأن من وجد خيرًا فيها. . حمد اللَّه تعالى عليه، ومن وجد غيره. . لام نفسه حين لا ينفعها اللوم.
وجاء في آياتٍ الإخبارُ عن أهل الجنة بأنهم يحمدون: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا}، {لْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ}، {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} الآيات.
وعن أهل النار بأنهم يلومون أنفسهم: {فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ}، {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ} الآيتينِ.
وأخرج الترمذي: "ما من ميتٍ يموت إلا ندم، فإن كان محسنًا. . ندم ألَّا يكون ازداد، وإن كان مسيئًا. . ندم ألَّا يكون استعتب" (?).
(ومن وجد غير ذلك) أي: شرًا، ولم يذكره بلفظه؛ تعليمًا لنا كيفيةَ الأدب في النطق بالكناية عمَّا يؤذي، ومثله ما يُستقبح أو يُستحيى من ذكره، أو إشارةً إلى أنه إذا اجتنب لفظه. . فَكيف بالوقوع فيه؟! أو إلى أنه سبحانه وتعالى حييٌّ كريمٌ يحب الستر ويغفر الذنب، فلا يعاجل بالعقوبة، ولا يهتك الستر.
ثم رأيت بعضهم أجاب بجوابٍ آخر (?)، فقال: ولم يقل: شرًا؛ إشارة إلى أنه إذا اجتنب لفظه. . فكيف الوقوع فيه؟!