إعظام الرغبة وتوسيع المسألة، فلا يختصر سائلٌ، ولا يقتصر طالبٌ؛ لما تقرر أن خزائن الرحمة سحَّاء الليل والنهار، لا يَغيضها الإعطاء وإن جلَّ وعظم.
وقيل: إن ذلك إشارة للنعمة المخلوقة، وهي يُتصوَّر فيها النقص كالبحر (?).
و (نقص) يستعمل لازمًا كنقص المال، ومتعديًا كما هنا؛ إذ مفعول الماضي والمضارع محذوفٌ بدليل السياق.
(يا عبادي؛ إنما هي أعمالكم أُحصيها) أي: أضبطها (لكم) بعلمي وملائكتي الحفظة، واحتيج لهم معه لا لنقصه عن الإحصاء، بل ليكونوا شهداء بين الخالق وخلقه، وقد ينضم إليهم شهادة الأعضاء زيادة في العدل: {كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا}.
لا يقال: قضية (إنما) انحصارُ فائدة الناس في معادهم في ثواب أعمالهم ونفيُ المزيد مع ثبوت النص والإجماع به في نحو: {وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ}، {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} لأنَّا نقول: الحصر إنما هو بالنسبة لجزاء الأعمال (?)؛ أي: لا جزاء ينقسم إلى خيرٍ وغيره إلا عن عملٍ يكون سببًا له، وأما الزيادة على ذلك. . فلم يتعرَّض لها بنفيٍ ولا إثباتٍ، وقد صحَّت فيها نصوصٌ أُخرى لا معارض لها، فوجب الأخذ بها.
(ثم أُوفِّيكم إياها) أي: جزاءها في الآخرة، على حدِّ: {وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} فلما حذف المضاف. . انقلب المجرور منصوبًا منفصلًا، أو في الدنيا أيضًا؛ لما روي: أنه صلى اللَّه عليه وسلم فسَّر ذلك بأن المؤمنين يُجازَون بسيئاتهم في الدنيا، ويدخلون الجنة بحسناتهم، والكافر يُجازَى بحسناته في الدنيا، ويدخل النار بسيئاته.