الإسلام الغزالي قدس اللَّه روحه بقوله: (ليس في الإمكان أبدع مما كان) (?) أي: تمَّ وتعلَّقتِ القدرة الباهرة بإيجاده على أكمل الأحوال وأتقنها وأكملها، وما فيه من الشر. . فهو إضافيٌّ بالنسبة لبعض الأشياء، وليس شرًا مطلقًا بحيث يكون عدمه خيرًا من وجوده، بل وجوده مع ذلك خيرٌ من عدمه، ويصح أن يراد هذا من خبر (?): "والشر ليس إليك" أي: الشر المحض الذي عدمه خيرٌ من وجوده ليس موجودًا في ملكك.
(يا عبادي؛ لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم، قاموا في صعيد واحد) أي: أرضٍ واحدةٍ ومقامٍ واحدٍ (?) (فسألوني، فأعطيت كل واحدٍ مسألته (?). . ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط) هو بكسرٍ فسكونٍ ففتحٍ: الإبرة (إذا أُدخل البحر) أي: وهو في رأي العين لا ينقص من البحر شيئًا، فكذلك الإعطاء من الخزائن الإلهية لا يَنقُصها شيئًا ألبتة؛ إذ لأنهاية لها، والنقص مما لا يتناهى محال، بخلافه مما يتناهى كالبحر وإن جلَّ وعظم وكان أكبر المرئيات في الأرض، بل قد يوجد العطاء الكثير من المتناهي ولا يَنْقُصه؛ كالنار والعِلْم؛ يُقتبَس منهما ما شاء اللَّه تعالى ولا ينقص منهما شيء، بل قد يزيد العلم على الإعطاء.
فعلم أن قوله هنا: "إلا كما. . . إلخ" وقول الخضر لموسى صلى اللَّه على نبينا وعليهما وسلم: (ما نقص علمي وعلمك من علم اللَّه إلا كما نقص هذا العصفور -أي: الذي رأياه يشرب- من هذا البحر) (?)، وزَعْمُ بعضهم فرقًا بين هذينِ، وأن العصفور ينقص منه، بخلاف المخيط إذا دخل فيه. . ممنوعٌ؛ إذ الإبرة إذا دخلت في