إجابة دعائهم، وهدايته لهم، وإطعامهم، وكسوتهم، وغفر ذنوبهم. . غيرُ محتاجٍ إلى مكافأتهم بجله ب نفعٍ أو دفع ضرٍّ، ومن ثم قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}، {وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا}، {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}، {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} أي: أن اللَّه تعالى يحب من عباده أن يطيعوه؛ ويكره منهم أن يعصوه؛ ولهذا يفرح بتوبة عبده فرحًا عظيمًا مع غناه المطلق عن طاعات عباده، وأن نفعها إنما يعود إليهم، ولكن هذا من كمال رأفته بهم، ومحبته لنفعهم ودفع ضررهم.
وما اقتضاه ظاهر الحديث أن لضره ونفعه غاية لكن لا تبلغها العباد. . متروكٌ بما دلَّ عليه الإجماع والبرهان من غناه المطلق، أو من باب: (على لاحِبٍ -أي: طريق- لا يهتدي لمناره) (?) أي: لا منار له فيهتدي به.
فالمعنى هنا: لا يتعلق بي ضرٌّ ولا نفعٌ فتضروني أو تنفعوني؛ لأنه تعالى غنيٌّ مطلق، والعبد فقيرٌ مطلق: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} والفقير المطلق لا يملك ضرًا ولا نفعًا، خصوصًا للغنيِّ المطلق.
(يا عبادي؛ لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم، كانوا على أتقى قلب رجلٍ واحدٍ منكم. . ما زاد ذلك في ملكي شيئًا، يا عبادي؛ لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم، كانوا على أفجر قلب رجلٍ واحدٍ) منكم (. . ما نقص ذلك من ملكي شيئًا) لأنه مرتبطٌ بقدرته وإرادته، وهما دائمان لا انقطاع لهما، فكذا ما ارتبط بهما، وإنما غاية التقوى والفجور عود نفع أو ضرٍّ على أهلهما، وفي ذلك كلَّه إشارةٌ إلى أن ملكه تعالى على غاية الكمال، لا يزيد بطاعة جميع الخلق وكونهم على أكمل صفة البِرِّ والتقوى، ولا ينقص بمعصيتهم؛ لأنه تعالى الغني المطلق في ذاته وصفاته وأفعاله، فملكه كاملٌ لا نقدس فيه بوجهٍ، بل لا يتصور وجود أكملَ منه على ما أشار إليه حجة