التوابون" (?)، والبخاري: "واللَّه؛ إني لأستغفر اللَّه وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة" (?)، والنسائي وابن ماجه: "إني لأستغفر اللَّه وأتوب إليه كل يوم مئة مرة" (?)، ومسلم: "يا أيها الناس؛ توبوا إلى ربكم واستغفروه؛ فإني أتوب إلى اللَّه وأستغفره كل يومٍ مئة مرة" (?)، والنسائي: "ما أصبحت غداةً قطُّ إلا أستغفر اللَّه مئة مرة" (?)، وأحمد وأصحاب "السنن الأربعة": إن كنا لنعدُّ لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في المجلس الواحد مئة مرة يقول: "رب؛ اغفر لي، وتُبْ عليَّ؛ إنك أنت التواب الرحيم" (?).

وأصل الغفر: الستر، فغَفْرُ الذنب: سَتْرُهُ ومحوُ أثره، وأمنُ عاقبته، وحكمة التوطئة لما بعد (الفاء) بما قبلها (?): بيان أن غير المعصوم والمحفوظ لا ينفك غالبًا عن المعصية، فحينئذٍ يلزمه أن يجدد لكل ذنبٍ ولو صغيرًا توبةً، وهي المرادة هنا من الاستغفار؛ إذ ليس فيه مع عدمها كبير فائدة، وشتَّان بين ما يمحوه بالكلية وهو التوبة النَّصوح، وبين ما يُخفِّف عقوبته أو يؤخرها إلى أجلٍ وهو مجرد الاستغفار، وفي هذا من التوبيخ ما يستحيي منه كل مؤمن؛ لأنه إذا لمح أنه تعالى خلق الليل ليطاع فيه سرًا ويسلم من الرياء. . استحيى أن ينفق أوقاته إلا في ذلك، وأن يصرف ذرةً منها للمعصية، كما أنه يستحيي بالجِبِلَّة والطبع أن يصرف شيئًا من النهار حيث يراه الناس للمعصية.

(يا عبادي؛ إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني) لما أنه قد قام الإجماع والبرهان على أنه تعالى منزةٌ مقدسٌ غنيٌّ بذاته، لا يمكن أن يلحقه ضررٌ ولا نفعٌ، فهو تعالى كان أحسن إلى عباده بغاية وجوه الإحسان التي ذكرها من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015