يزال يقذف له بالحُجج حتى يقال له: شأنك به فيأخذ بيده، فما يرسله حتى يلبسه حُلَّة الإستبرق، ويعقد عليه تاج الملك، ويسقيه كأس الخمر" (?).
(كل الناس يغدو) أي: يصبح ويبكر ساعيًا في تحصيل أغراضه، مسرعًا في طلب نيل مقاصده.
(فبائع نفسه) (?) من اللَّه عز وجل، ببذلها فيما يُخَلِّصها من سخطه وأليم عقابه، متوجهًا بقلبه وقالبه إلى الآخرة وأعمالها، مع الإعراض عن زخارف الدنيا وزينتها، ومتقيدًا بآداب الشرع قولًا وفعلًا، وامتثالًا واجتنابًا.
(فمعتقها) (?) من رِقِّ الخطايا والمخالفات، ومن سخط اللَّه وأليم عقابه، كما قال اللَّه تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ}. . . إلى أن قال: {فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}، وقال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}، {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}.
وفي حديث "الصحيحين" المشهور: لما نزل قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} قال: "يا معشر قريش؛ اشتروا أنفسكم من اللَّه، لا أغني عنكم من اللَّه شيئًا" ثم قال مثل ذلك لبني عبد المطلب، وبني عبد مناف، ولعمته، وبنته، وغيرهم (?).
وأخرج الطبراني والخرائطي: "من قال إذا أصبح: سبحان اللَّه وبحمده ألف مرة. . فقد اشترى نفسه من اللَّه، وكان من آخر يومه عتيقًا من النار" (?)، فاعجب من بيعٍ آيلٍ إلى عتقٍ وسيادة، ومتكفلٍ بالفوز بالحسنى وزيادة!!