(أو) بائع نفسه من الشيطان، ببذلها فيما يرديها ويغويها، من مذموم أغراضه، وإيثار شهواته، فييو حينئذٍ (موبقها) أي: مهلكها بما أوقعها فيه من أليم العذاب، وكشف الحجاب (?).

(رواه مسلم) وهو أصلٌ عظيمٌ من أصول الإسلام؛ لاشتماله على مهماتٍ من قواعد الدين، بل على نصف الدين باعتبار ما قررناه في شطر الإيمان، بل على الدين جميعه باعتبار ما قررناه في الصبر، وفي (معتقها) و (موبقها).

وفي رواية للترمذي: "التسبيح نصف الميزان، والحمد للَّه تملؤه، والتكبير بملأ ما بين السماء والأرض، والصوم نصف الصبر" (?)، وفي رواية للبيهقي: "وسبحان اللَّه واللَّه أكبر تملأ ما بين السماء والأرض، والصوم جُنَّة، والصلاة نور" (?) ولا تعارض بين رواية مسلم السابقة ورواية الترمذي هذه؛ لأن كون التسبيح نصفَ الميزان و (الحمد للَّه) تملؤه باعتبار انفراد كل لا ينافي أنهما إذا اجتمعا. . ملآ ما بين السماوات والأرض زيادةً على ذلك.

ولا بينها وبين رواية البيهقي؛ لأنها أفادت أن (اللَّه اكبر) يقوم مقام الحمد في أنها إذا اجتمعت مع التسبيح. . ملآ ما بين السماوات والأرض، لكن بين رواية الترمذي والبيهقي نوعُ تنافٍ؛ لأن الأُولى أفادت أن التكبير وحده يملأ ما بين السماوات والأرض، والثانية أفادت أنه لا يملأ ذلك إلا مع ضمِّ التسبيح إليه.

وقد يجاب بأن ذلك يختلف باختلاف العاملين، أو أُخبر صلى اللَّه عليه وسلم بالثاني، فأَخبر به، ثم أُخبر بزيادة تفضُّلٍ من اللَّه تعالى في ثواب التكبير، فأَخبر به نظيرَ ما قالوه في خبر: "صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذِّ بخمس وعشرين درجة" (?)، وخبر: "بسبع وعشرين درجة" (?) وقس بهذا ما يرد عليك من نظائره.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015