الأعمال؛ إذ لولا وجوده. . لم يكن صلاة ولا غيرها، فلكونه أصلها كغيرها ناسب أن يجعل ضياء، وهي نورًا نظيرَ ما تقرر في الشمس والقمر.
وبهذا يُعلم أن كونها أفضلَ منه قابلٌ للمنع، ولا ينافيه قولهم: أفضل عبادات البدن الصلاة؛ لأن الصبر ليس من العبادات البدنية، وإنما هو من العبادات القلبية، وهي بأسرها أفضل من العبادات البدنية، كما هو ظاهر؛ لأنها بالنسبة إليها كالأصل بالنسبة للفرع.
وبما قررته سؤالًا وجوابًا يندفع القول بأنه لا فرق بين الضياء والنور.
وأيضًا (?): فالضوء فيه إحراقٌ، بخلاف النور؛ فإنه محض إشراق، كما هو مشاهَدٌ من ضوء الشمس، ونور القمر، ومن هنا وصف تعالى شريعة موسى صلى اللَّه على نبينا وعليه وعلى سائر الأنبياء وسلم بأنها ضياءٌ بقوله عزَّ قائلًا: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ} وإن كان قد وصف التوراة بأنها نورٌ في قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ} لكن الغالب على شريعتهم الضياء؛ لما فيها من عظيم الآصار والأغلال والأثقال، ووصف شريعة نبينا صلى اللَّه عليه وسلم بأنها نورٌ فقط بقوله عزَّ قائلًا: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} لخلوها عن تلك المشاق، {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}، {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}.
فلِمَا كان في الصبر من المشاقِّ العظيمة المحرقة للنفوس وشهواتها ومراداتها كما علم مما قدمته فيه (?). . اختصَّ بكونه ضياءً، ولِمَا كان في الصلاة من مزيد الراحة وتوالي أنواع المعارف التي لا لذَّة وراءها، بل هي اللذة بالحقيقة كما آنفًا في تقرير