وأما توجيه أن الطهارة الشرعية نصف الإيمان بأنها تكفِّر ما مضى كالإيمان يجبُّ ما قبله. . فمردودٌ بأنها حينئذٍ مثله لا شطره، على أن الصلاة ونحوها كذلك، فلا خصوصية للطهارة.
وقيل: المراد بالإيمان: الصلاة، كما في: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} أي: صلاتكم إلى بيت المقدس، فلافتقارها للطهارة كانت كشطرها، قال المصنف رحمه اللَّه تعالى: (وهذا أقرب الأقوال) (?) ورُدَّ: بأن شرط الشيء ليس شطره لغةً ولا اصطلاحًا، وفيه نظر؛ لأنه لم يدَّعِ أن الشرط شطرٌ، وإنما قال: كالشطر، وهو وإن لزم عليه أن فيه تجوزًا من قصر الإيمان على الصلاة (?)، وإخراج الشطر عن حقيقته إلى معنى المماثل للشطر. . لا يبعد اختياره؛ لتعذُّر الحقيقة باعتبار القواعد والاستقراء وإن جاز أن يختصَّ الوضوء من بين أمثاله بأن ثوابه نصف ثواب الإيمان؛ إذ للَّه سبحانه وتعالى أسرارٌ في العبادات يعجز عن إدراكها أكثر خلقه، فلو ذهب ذاهبٌ إلى أن الوضوء نصف الإيمان حقيقةً باعتبار الثواب. . لما لزمه شيء.
وقيل: الإيمان شرطٌ باطنٌ لصحتها، والوضوء شرطٌ لها ظاهرٌ، فاقتسامهما إياها بالشرطية كأنه اقتسامٌ لها بالشطرية، ويرد بأنه بهذا التكلُّف شطرٌ لها لا للإيمان، وزعمُ أنها المرادة به يحتاج لدليل؛ لأن قصره عليها تجوَّز يحتاج لقرينةٍ كما قررناه.
(والحمد للَّه) أي: هذا اللفظ وحده، أو هذه الكلمة وحدها، خلافًا لمن زعم أن المراد (الفاتحة).
(تملأ) بالفوقية والتحتية (الميزان) أي: ثواب التلفُّظ بها مع استحضار معناها السابق أولَ الكتاب والإذعان له يملأ كفة الحسنات، التي هي مثل طباق السماوات والأرض، قيل: وسرُّ إملائه لها أن لامه للاستغراق (?)، وجنسُ الحمد الذي يجب للَّه سبحانه وتعالى ويستحقه يملأ الميزان، فكذا ثوابه. اهـ، وفيه نظر، وأيُّ دليل على