ومنه قول العرب: نصف السَّنة حضرٌ، ونصفها سفرٌ؛ أي: تنقسم لزمانين وإن تفاوتت مدتهما.
وقول شريح وقد قيل له: (كيف أصبحت؟ قال: أصبحت ونصف الناس عليَّ غضبان) يريد أنه بين محكومٍ له راضٍ، ومحكومٍ عليه غضبان، فهما جزآن مختلفان (?).
وقول الشاعر:
إذا مت كان الناسُ نصفين شامتٌ ... وآخر مُثْنٍ بالذي كنت أفعلُ
أي: ينقسمون قسمين. وخبر: "إنها -أي: الفرائض، وهي قسمة المواريث- نصف العلم" (?) أي: أن أحكام المكلفين نوعان: نوعٌ يتعلق بالحياة، ونوعٌ يتعلق بالموت.
وقول مجاهد: (المضمضة والاستنشاق نصف الوضوء) (?) أي: أنه نوعان: نوعٌ يطهر بعض الباطن، ونوعٌ يطهر بعض الظاهر، وهو ما عداهما.
فإن قلت: هل يصح أن يراد بالشطر هنا الخمس؛ فإنه صح استعماله له صلى اللَّه عليه وسلم فيه في حديث الإسراء في مراجعته لربه حين فرض الصلاة خمسين (?) وراجعه مرارًا متعددةً بقوله: "فوضع شطرها" ثلاثًا (?)؛ إذ لو كان المراد بالشطر فيه النصف. . لفرغت الخمسون في المرة الثانية، فتعيَّن أن المراد به: الخُمُس، ومن ثَمَّ جاء في رواياتٍ أخر: "فوضع عنِّي عشرًا" (?)؟
قلت: لا مانع من ذلك وإن كان مستغربًا، وعليه فيحتمل أن معناه أنه يثاب عليه كثواب خُمس الإيمان.