من كنوز الجنة (?)؛ لتضمُّنها براءةَ النفس من حولها وقوتها إلى حول اللَّه وقوته.
وكتب الحسن إلى عمر بن عبد العزيز: (لا تستعن بغير اللَّه يكلك اللَّه إليه) (?).
(واعلم أن الأمة) المراد بها هنا: سائر المخلوقين؛ كما صرَّحتْ به رواية أحمد الآتية، وأما مدلولها وضعًا. . فالجماعة، وأتباع الأنبياء، والرجل الجامع للخير المُقتدَى به، والدين، والملَّة؛ نحو: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} والزمان؛ نحو: {وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} والرجل المنفرد بدينه الذي لم يَشْرَكه أحدٌ فيه؛ كقوله صلى اللَّه عليه وسلم: "يُبعث زيد بن عمرو بن نفيل أمةً وحده" (?) والأمُّ؛ كـ (هذه أُمّة زيدٍ) أي: أم زيد.
(لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيءٍ. . لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه اللَّه) تعالى (لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيءٍ. . لم يضروك إلا بشيءٍ قد كتبه اللَّه) تعالى (عليك) كما يشهد لذلك قوله تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ} الآيةَ، والمعنى: وحِّد اللَّه تعالى في لحوق الضُّرِّ والنفع؛ فهو الضارُّ النافع، ليس لأحدٍ معه في ذلك شيء؛ لِمَا تقرَّر: أن أَزِمَّة الموجودات بيده منعًا وإطلاقًا، فإذا أراد غيرُك ضرَّك بما لم يُكتَب عليك. . دفعه اللَّه تعالى عنك بصرف ذلك الغير عن مراده بعارضٍ من عوارض القدرة الباهرة مانعٍ من الفعل من أصله: كمرضٍ، أو نسيانٍ، أو صرف قلب، أو من تأثيره: ككسر قوسه، وفساد رميه، وخطأ سهمه.
فعلم أن هذا تقريرٌ وتاكيدٌ لما قبله من الإيمان بالقَدَر خيره وشره، وتوحيده سبحانه وتعالى في لحوق الضُّرِّ والنفع على أبلغ برهان (?)، وأوضح بيان، وحثٌّ على التوكل والاعتماد على اللَّه سبحانه وتعالى في جميع الأمور. وعلى شهود أنه سبحانه