وتعالى وحده هو المؤثِّر في الوجود، النافع الضار، وغيره ليس له من النفع ولا من الضر شيء.
وعلى الإعراض عما سواه (?)؛ إذ من تيقَّن ذلك. . لم يشهد ضره ونفعه إلا من مولاه، ولم ينزل حاجته إلا به سبحانه وتعالى، كما وقع لإبراهيم على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام لمَّا أُلقي في المنجنيق ليُلقى في النار؛ فإن جبريل جاءه حينئذٍ وقال له: ألك حاجة؟ فقال: (أما إليك. . فلا) (?).
ونعوذ باللَّه من اعتقاد نفعٍ أو ضرٍّ في غيره تعالى؛ فإن ذلك هو عين الشرك الأصغر بل الأكبر كما لا يخفى.
وقوله: "كتبه اللَّه لك" و: "كتبه عليك" موافقٌ لما مر من قوله صلى اللَّه عليه وسلم: "فيكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد" (?).
(رفعت الأقلام) أي: تركت الكتابة بها؛ لفراغ الأمر وانبرامه كما سيأتي.
(وجفت) بالجيم (الصحف) أي: التي فيها مقادير الكائنات، كاللوح المحفوظ؛ أي: فرغ من الأمر، وجفت كتابته؛ لأن الصحيفة حالَ كتابتها لا بد أن تكون رطبةَ المداد أو بعضه، فلم يمكن بعد ذلك أن يكتب فيها تبديلٌ (?) أو نسخٌ لما كتب من ذلك واستقر؛ لمَا أنها أمور ثابتةٌ لا تبدَّل ولا تغيَّر عما هي عليه، فذلك كناية عن تقدُّم كتابة المقادير كلها، والفراغ منها من أمدٍ بعيدٍ، وهذا من أحسن الكنايات وأبلغها.
وقد دل الكتاب والسُّنة على ذلك، فمن علم ذلك وشهده بعين بصيرته. . هان عليه التوكل على خالقه، والإعراض عما سواه، ويشهد لذلك الرفعِ والجفافِ: ما رواه ابن العربي بسنده: أنه صلى اللَّه عليه وسلم قال: "أول ما خلق اللَّه القلم، ثم خلق النون -وهي الدواة- وذلك قوله تعالى: {ن وَالْقَلَمِ} ثم قال له: اكتب، قال: