في روايةٍ (?)، ففيه جواز الإرداف على الدابة إن أطاقته.
(فقال: يا غلامُ) بضم الميم؛ لأنه نكرةٌ مقصودةٌ؛ وهو الصبي من حين يفطم إلى تسع سنين، وسنُّه إذ ذاك كان نحو عشر سنين، وفي رواية: "يا غُلَيِّم" (?) وهو تصغير حُنوٍّ وترفُّقٍ أو تعظيمٍ باعتبار ما يؤول إليه حاله.
(إني أعلمك كلمات) ينفعك اللَّه بهنَّ؛ كما في رواية أخرى؛ أي: تعلَّمْهن وعلِّمْهن، فيه ذكر العالم للمتعلم أنه يريد أن يعلمه وينبهه على ذلك قبل فعله؛ ليكون أوقع في نفسه، فيشتد تشوقه إليه، وتُقبل نفسه عليه، فهو مقدمةٌ استرعى بها سمعه؛ ليفهم ما يسمع، ويقع منه بموقع، وجاء بها بصيغة القلة (?)؛ ليؤذنه بأنها قليلة اللفظ فيسهل حفظها، وآذنه بعظيم خطرها، ورفعة محلها بتنوينها تنوين التعظيم (?).
وتأهيلُهُ لهذه الوصايا الخطيرة القدر، الجامعة من الأحكام والحِكَم والمعارف ما يفوق الحصر. . دليلٌ أيُّ دليلٍ على أنه صلى اللَّه عليه وسلم عَلِمَ ما سيؤول إليه أمرُ ابن عباسٍ من العلم والمعرفة، وكمال الأخلاق والأحوال الباطنة والظاهرة.
(احفظ اللَّه) بحفظ فرائضه وحدوده، وملازمة تقواه، واجتناب نهيه وما لا يرضاه.
(يحفظك) في نفسك وأهلك ودنياك ودينك، سيما عند الموت؛ إذ الجزاء من جنس العمل، ومنه: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ}، {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}، {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ}.
وفي "الصحيحين": أنه صلى اللَّه عليه وسلم أمر البراء بن عازب أن يقول عند منامه: "رب؛ إن قبضت نفسي. . فارحمها، وإن أرسلتها. . فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين" (?).