والرزق، والأجل) (?)، وعن الحسن؛ فإنه قال: من أُعطي حسن صورة، وخلقًا حسنًا، وزوجة صالحةً. . فقد أُعطي خيري الدنيا والآخرة، بل هو الوارد عنه صلى اللَّه عليه وسلم؛ لقوله: "إن اللَّه قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم" (?)، وقوله: "اللهم؛ كما حسَّنت خَلْقي، فحسِّن خُلُقي" (?).

وأما قول جَمْعٍ: أخلاق العبد حسنها وسيئها إنما هي من كسبه واختياره، فيحمد ويثاب على جميلها، ويذم ويعاقب على سيئها، وإلا. . لبطل الأمر به في: "وخالق الناس بخلق حسن" لاستحالته في المطبوع عليه العبد كاستحالة أمر الأعمى بالإبصار. . فيرد بأن ذلك لا حجة فيه؛ لِمَا قررناه: أن أصله جِبِلِّيٌّ، وأما استعماله فيما أُمر به العبدُ وصرفه عمَّا نُهي عنه. . فاكتسابيٌّ.

على أنه قد يقال: لا خلاف في المعنى، فمن قال: إنه جِبِلِّي. . نظر إلى أصله، ومن قال: إنه مكتسبٌ. . نظر إلى ما يستعمل فيه، وبذلك يجمع أيضًا بين الحديثين السابقين آنفًا الدالَّينِ على أنه جِبِلِّي، والحديث السابق قبلهما: "أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا"، و"إن الرجل ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم" الدال على أنه مكتسب.

ولا يستدل باكتسابه ولا بكونه جِبِلَّة على اكتساب الولاية والنبوة، ومن استدل بذلك على هذا. . فقد وهِم؛ لما بينهما من الفرق الواضح؛ لأن الاكتساب ثَمَّ له دخلٌ وإن قلنا: إنه غريزةٌ، وأما في هذين. . فلا دخل لاكتساب العبد فيهما بوجهٍ، فكم من عاملٍ لم ينل منهما شيئًا؛ لأنهما محض تولِّي الحق للولي أو النبي، وهذا التولِّي من جَعْله تعالى وإنعامه وفضله، فلا دخل لفعل العبد فيه بوجه، ومن ثم يكفر من قال: إن النبوة مكتسبة (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015