المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا" (?)، "أفضل ما أُعطي المرء المسلم الخلق الحسن" (?)، "ألا أخبركم بأحبكم إلى اللَّه وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة؟! " قالوا: بلى، قال: "أحسنكم خلقًا" (?)، "أفضل الفضائل أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتصفح عمن شتمك" (?)، وفي رواية: (أن هذه الثلاثة أفضل -وفي رواية: أكرم- أخلاق أهل الدنيا والآخرة) (?).

ثم الخلق وإن كان سجيةً في الأصل ومطبوعًا عليه العبد إلا أن الإنسان يمكنه أن يتخلَّق بغير خلقه حتى يتصف بالأخلاق الحسنة العلية، فمن ثم صح الأمر بتحصيله وبكسبه هنا وفي قوله صلى اللَّه عليه وسلم لمعاذ: "حَسِّن خلقك مع الناس" (?).

فأفاد أن تحسينه من كسب العبد؛ لحصوله بنحو النظر في أخلاقه صلى اللَّه عليه وسلم، وما صدر عنه من أعاليها، مع التأسي به فيما يمكن أن يتأسَّى به فيه منها، ثم بصحبة أهل الأخلاق الحسنة والاقتداء بهم في ذلك، ثم بتصفية نفسه عن ذميم الأوصاف وقبيح الخصال، ثم برياضتها إلى أن تتحلَّى بجميل الأخلاق ومعالي الأحوال؛ فحينئذ يُثاب على تلك الأخلاق الحميدة؛ لأنها من كسبه، فهو نظير استعمال الشجاعة في محلها كملاقاة العدو؛ فإن الشجاع يثاب على هذا الاستعمال لا على نفس الشجاعة؛ لأنها من الأمور الجِبلِّيَّه التي لا تدخل تحت الاختيار، وإنما الذي يدخل تحته تَكَسُّبُ المعالي الموجبة لإيقاع تلك الغريزة في محلها.

وما صرحت به من أن الخلق غريزةٌ هو المنقول عن ابن مسعود؛ فإنه جعله جِبلَّة كاللونِ وبعضِ أجزاء الجسم، وقال: (فرغ ربك من أربعة: الخَلْق، والخُلُق،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015