كيومَ ولدته أمه" (?) فهذا مع تكفيره للسيئات يرفع الدرجات.
وسببه: أنه قد يجتمع في العمل شيئان: أحدهما رافعٌ، والآخر مكفِّرٌ، فالوضوء من حيث كونُه تعاطي عبادة رافعٌ للدرجات، ومن حيث مشقَّته وإيلامه للنفس مكفرٌ، وقس عليه، ومن ثَمَّ جاء: "إن إحدى خطوتي الماشي إلى المسجد ترفع له فى درجة، والأخرى تحط عنه خطيئة" (?).
ثانيهما: الأصح: وجوب التوبة من الصغائر أيضًا، وقال بعض المعتزلة: لا تجب، وقال بعض المتأخرين: الواجب الإتيان بها أو ببعض المكفرات.
(وخالق الناس بخلقٍ حسنٍ) وجِماعُهُ -كما ذكره الترمذي وغيره-: ينحصر في طلاقة الوجه لهم، وكفِّ الأذى عنهم، وبذل المعروف لهم (?)، وهو معنى قول بعضهم: هو كظم الغيظ للَّه، وإظهار الطلاقة والبشر إلا لمبتدعٍ أو فاجرٍ، والعفو عن الزالِّين إلا تأديبًا وإقامةً للحد، وكفُّ الأذى عن كل مسلمٍ أو معاهدٍ إلا تغييرًا لمنكر، أو أخذًا بمظلمةٍ من غير تعدٍّ، وجمع بعضهم ذلك كله في قوله: هو أن تفعل معهم ما تحب أن يفعلوه معك، فتجتمع القلوب، ويتفق السر والعلانية، وحينئذ تأمن كل كيدٍ وشرٍّ، وذلك جماع الخير، وملاك الأمر إن شاء اللَّه تعالى.
والأحاديث في مدح الخُلُق الحسن كثيرةٌ، بينتها في كتابي السابق ذكره في شرح (الخامس عشر) (?)؛ منها: "أثقل ما وضع في الميزان حسن الخلق" (?)، "خياركم أحاسنكم أخلاقًا" (?)، "إن العبد ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم" (?)، "أكمل