وقد قال أحمد بوجوب الضيافة؛ لأحاديث ظاهرة في ذلك، وفي أن الضيف يستقل بأخذ ما يكفيه من غير رضا من نزل عليه أو على نحو بستانه أو زرعه (?)، وقد بينتها مع تأويلها في ذلك الكتاب (?)، لكن خالفه الجمهور، وحملوا تلك الأحاديث على غير ظاهرها، كحمل الوجوب على أول الإسلام؛ فإنها كانت واجبةً حين إذ كانت المواساة واجبةً، فلما ارتفع وجوب المواساة. . ارتفع وجوب الضيافة، أو على التأكيد كما في: "غسل الجمعة واجبٌ على كل محتلم" (?) والاستقلال بالأخذ من غير رضا على المضطر، لكنه بعد ذلك يغرم بدل ما أكله، أو على مال أهل الذمة المشروط عليهم ضيافة مَنْ مرَّ بهم؛ لأدلة أخرى:
منها: "لا يحل مال امرئٍ مسلمٍ إلا عن طيب نفس" (?).
ومنها: قوله صلى اللَّه عليه وسلم: "جائزته يوم وليلة" (?)، والجائزة: الصلة والعطية المتطوع بها.
وأيضًا: التعبير بالإكرام ظاهر في التطوع؛ إذ لا يستعمل في الواجب.
ثم المخاطب بها عندنا أهل البادية والحضر، لكن في أحاديث بينتها ثَمَّ أيضًا أنها مختصَّةٌ بأهل البادية، وبها أخذ مالك؛ لتعذُّر ما يحتاج إليه المسافر في البادية، وتيسُّر الضيافة على أهلها غالبًا، بخلاف أهل الحضر؛ لتيسر مواضع النزول وبيع الأطعمة، قال القاضي: (وخبر: "الضيافة على أهل الوبر، وليست على أهل المدر". . موضوعٌ) انتهى (?)، وفيه