نظر، فقد ذكرت في ذلك الكتاب له طرقًا كثيرة (?).
قيل: يحتمل تخصيص إكرام الجار والضيف بغير الفاسق والمبتدع والمؤذي ونحوهم، فهؤلاء لا يكرمون بل يُهانون ردعًا لهم عن فجورهم، ويحتمل جعلهم من ذوات الجهتين، فيكرمون من حيث الجوار والضيافة، ويهانون من حيث الفجور؛ لأن الكافر يُرْعَى حقُّ جواره ونحوه، فالمسلم على نحو فسقه أَولى، وجاء: "في كل كبد حرَّى أجر" (?) قال بعضهم: حتى نحو الحية والكلب العقور يطعم ويسقى إذا اضطر إلى ذلك، ثم يقتل. اهـ
والوجه: هو الاحتمال الثاني كما يصرح به كلام أئمتنا (?)، ولا ينافيه قولهم: يحرم الجلوس مع الفسَّاق إيناسًا لهم؛ لأن هذا فيه إعانةٌ على فسقهم، كما يدل عليه تقييدهم القعودَ معهم بالإيناس؛ أي: من حيث الفسق، فأفهم أنه معهم لا للإيناس كذلك جائز، وما ذكره من إطعام العقور فيه نظر؛ لوجوب قتله فورًا (?)، فلا حاجة لإطعامه، كما يدل عليه قول أئمتنا: لو اسْتَطْعم من يُراد قتله بحقٍّ. . لم يطعم، بخلاف ما لو استسقى فإنه يُسقَى؛ لقلة زمنه.
(رواه البخاري ومسلم) وهو من القواعد العميمة العظيمة؛ لأنه بيَّن فيه جميع أحكام اللسان الذي هو أكثر الجوارح فعلًا، فهو بهذا الاعتبار يصح أن يقال فيه: إنه ثلث الإسلام؛ لأن العمل إما بالقلب، وإما بالجوارح، وإما باللسان، وهو ظاهرٌ وإن لم أَرَ من صرَّح به.
ثم رأيت بعضهم قال: إن جميع آداب الخير تتفرع منه، وأشار فيه إلى سائر خصال البر والصلة والإحسان؛ لأن آكدها رعاية حق الجوار والضيف، وبهذا