من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيءٍ. . فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيءٍ. . فدعوه" (?).
ولكون هذا كالشارح للحديث الأول تكلَّم عليه جمعٌ من الشُّرَّاح بما حاصله: أن السائل هو الأقرع بن حابس، قيل: وفيه دليلٌ للقول الضعيف: إنه يتوقف في الأمر فيما زاد على مرةٍ على البيان، فلا يحكم باقتضائه ولا منعه؛ إذ لو كان مطلقه يقتضي التكرار أو عدمه. . لم يسأل الأقرع عن ذلك، ولقيل له: لا حاجة للسؤال، بل مطلقه محمولٌ على كذا.
والأصح: أنه لا يقتضي التكرار (?)، ولا دلالة في الحديث للوقف؛ لاحتمال أن السؤال للاستظهار، أو للاحتياط؛ فإنه وإن لم يقتضِ التكرار قد يستعمل فيه، سيما والحج لغةً: قصدٌ فيه تكرارٌ يقوي احتمال التكرار عند السائل من هذه الحيثية أيضًا.
وفي قوله صلى اللَّه عليه وسلم: "لو قلت: نعم. . لوجبت" دليلٌ لجواز الاجتهاد له، وهو الأصح (?)، و: "ذروني ما تركتكم" دليلٌ لعدم الحكم قبل ورود الشرع، وهو الأصح.
ومعناه: لا تكثروا من الاستفصال عن المواضع التي تفيد بوجهٍ ما ظاهر وإن صلحت لغيره (?)، كما في: "فحجوا" فإنه وإن أمكن أن يراد به التكرار ينبغي أن يكتفى بما يصدق عليه اللفظ، وهو المرة الواحدة؛ فإنها مفهومةٌ من اللفظ قطعًا، وما زاد. . مشكوكٌ فيه، فيعرض عنه، ولا يكثر السؤال؛ لئلا يكثر الجواب، فيحصل التعنُّت والمشقة، كما مر عن بني إسرائيل، ومن ثم قال تعالى: {يَاأَيُّهَا