فإذا عجز عن ركنٍ أو شرطٍ لنحو وضوءٍ أو صلاةٍ، أو قدر على غسلِ أو مسحِ بعضِ أعضاء الوضوء أو التيمم، أو على ستر بعض العورة، أو على بعض الفطرة -لا عن الرقبة في الكفارة؛ لأن لها بدلًا- أو بعض (الفاتحة) أو إزالة بعض المنكر. . أتى بالممكن، وصحَّت عبادته مع وجوب القضاء تارةً، وعدمِهِ أخرى، كما هو مقرَّرٌ في الفروع.

ويُؤخَذ من هذا القاعدةُ المشهورة: أن درء المفاسد أَولى من جلب المصالح، فإذا تعارضت مصلحةٌ ومفسدةٌ. . قدم دفعها؛ لأن اعتناء الشارع بالمنهيات أشدُّ منه بالمأمورات كما عُلِم مما تقرر، ومن ثمَّ سُومح في ترك الواجب بأدنى مشقة؛ كالقيام في فرض الصلاة، وفطر رمضان، والعدول إلى التيمم (?)، ولم يسامح في الإقدام على منهيٍّ، وخصوصًا الكبائر إلا إذا تحققت الضرورة (?).

وقد تُراعى المصلحة لغلبتها على المفسدة؛ ومنه الصلاة مع اختلال بعض شروطها، فإن فيها مفسدةً هي الإخلال بإجلال اللَّه تعالى عن أن يُناجى إلا على أكمل الأحوال، ومع ذلك يجب فعلها تقديمًا لمصلحتها، وكالكذب للإصلاح، فإنه جائزٌ؛ لأن مصلحته حينئذٍ تربو على مفسدته، وهذا النوع راجع في الحقيقة إلى ارتكاب أخفِّ المفسدتين.

ثم هذا الحديث موافقٌ لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، وأما: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} فقيل: منسوخ، والأصح، بل الصواب -وبه جزم المحققون-: أن تلك مُبيِّنةٌ لهذه، قاله المصنف (?).

وإنما يتمُّ هذا على تفسير: {حَقَّ تُقَاتِهِ} بامتثال أمره، واجتناب نهيه، أما على المشهور من تفسيره: بأن يذكر فلا ينسى، ويطاع فلا يعصى. . فالأوجه: النسخ؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015