وإذا بان أن صلاح القلب أعظم المصالح، وفساده أشد المفاسد. . فلا بد من معرفة ما به صلاحه ليطلب، وما به فساده ليجتنب، فالذي به صلاحه: علوم؛ وهي: العلم باللَّه تعالى، وصفاته، وأسمائه، وتصديق رسله فيما جاؤوا به مع العلم بأحكامه ومراده منها، والعلم بمساعي القلوب من خواطرها، وهمومها، ومحمود أوصافها ومذمومها.

وأعمال؛ وهي: تحلِّيه بمحمودِ تلك الأوصاف، وتخلِّيه عن مذمومها، ومنازلته للمقامات، وترقِّيه عن مفضول المنازلات.

وأحوال؛ وهي: مراقبة اللَّه تعالى أو شهوده بحسب تهيئه واستعداده، كما مر في شرح قوله صلى اللَّه عليه وسلم: "أن تعبد اللَّه كأنك تراه" (?)، وتفصيل ذلك في كتب العارفين كـ"الإحياء" و"قوت القلوب" فاطلبه؛ فإنه مهمٌّ.

قيل: وممَّا يصلحه تدبُّر القرآن، وخلو الجوف، وقيام الليل، والتضرع عند السحر، ومجالسة الصالحين (?)، ورأسُ ذلك الأعظمُ: تحرِّي أكل الحلال، واجتناب الشبهات؛ فإنها تورثه قسوةً وظُلمةً، وتجره إلى الحرام كما مر، وقد قال صلى اللَّه عليه وسلم فيمن غُذِي بالحرام: "يقول: يا رب، يا رب، فأنَّى يُستجاب لذلك؟! " (?).

وقال: "كل لحمٍ نبت من سُحتٍ. . فالنار أَولى به" (?).

وروى الترمذي عن أبي هريرة مرفوعًا: "إن الرجل لَيُصيب الذنب فيسودّ قلبه، فإن هو تاب. . صقل قلبه" قال: "وهو الران الذي ذكره اللَّه تعالى في كتابه: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} " (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015